الفردوس المفقود

ـ لمحة عن الفردوس المفقود: ـ الفردوس المفقود بالانجليزية lost paradis هي ملحمة شعرية للكاتب الإنجليزي جون ملتون في عام 1667 موضوعها الرئيسي متأثر بالروايات الدينية حول سقوط الإنسان من الجنة إلى الأرض، و حول آدم وحواء و إغراء إبليس لهم و حول جنات عدن .
- الفردوس المفقود هي قصيدة ملحمية في الشعر المرسل كتبها الشاعر الإنجليزي جون ملتون في القرن السابع عشر، و قد تم نشرها عام 1667 في عشر كتب و تبعها الطبعة الثانية عام 1674 حيث أعيد تقسيمها في اثنتي عشر كتابا (بطريقة تقسيم إينياد فيرجيل) مع بعض التنقيحات البسيطة و الملاحظة عن طريق نظم الشعر.
ـ تتعلق القصيدة بقصة جودير المسيحي لسقوط الإنسان و التي تبين إغراء آدم و حواء و طردهم من جنة عدن، و قد ذكر أن غرض ملتون في الكتاب الأول هو تبرير طرق الله للناس (ميلتون1974/4/26)، حيث يوضح النزاع بين بصيرة الله الأبدية و الإرادة الحرة، و بطل هذه الملحمة الملاك الساقط، وهو الشيطان. و قد قدم ميلتون الشيطان على هيئة شخص فخور و طموح يقوم بتحدي خالقه الله القدير، و شن حرب على السماء حتى يتم تدميره و هزيمته. أما ويليام بليك، أحد أشد المعجبين بميلتون و مصور القصيدة و الملحمة، قال عنه ميلتون أنه كان شاعر حقيقي و كان من حزب الشيطان دون معرفته (بليك1793)، و يعتبر بعض النقاد شخصية إبليس كبادرة للبطل بايرونيك(اليوت1932)وقد عمل ميلتون لحساب أوليفركر ومويل و لحساب برلمان انجلترا وهكذا كتب من المصدر الأصلي لكومنولث انجلترا، أما ما حدث من التمرد الفاشل و إعادة تنظيم الحكم الملكي تركاه يستكشف خسائره من خلال الفردوس المفقود.
و قد قال بعض النقاد أنه تعاطف مع الشيطان في هذا العمل وبذلك يكون ميلتون و الشيطان قد واجها القضية الفاشلة .و قد قام ميلتون بدمج الوثنية مع الإشارات اليونانية و الكلاسيكية من خلال هذه القصة، وهو من أشد المعجبين بالكلاسيكية و لكنه عزم من خلال هذه القصة أن يعمل على إخافتهم مما هم فيه. وتقوم القصيدة بمكافحة العديد من القضايا اللاهوتية الصعبة ومنها المصير، الأقدار والثالوث

- كيف قسمت القصة؟
تم تقسيم القصة في اثنتي عشرة كتابا مثل إينياد فيرجيل، وهذه الكتب تتفاوت في طولها فأطولها الكتاب التاسع والذي يتكون من 1189 سطر، و أقصرها الكتاب السابع والمكون من 640 سطرا وكل كتاب مسبوق بخلاصة بعنوان (الحجة) و تحتوي قصة ميلتون على جبهتان أحدهما هو الشيطان (إبليس) ، والجبهة الأخرى مكونة من آدم و حواء، و تنتمي قصة إبليس إلى ملاحم الحرب القديمة، و بدايتها الحقيقية كانت بعد أن هزم الله إبليس والملائكة الأخرى الثائرة وأدخلهم الجحيم.

- أحداثها:
في الفردوس المفقود ...كان يجب على إبليس أن يستخدم قدرته البلاغية لتنظيم أتباعه حيث تلقى المساعدة من معاونيه : مأمون و بلزييب، و كان ذلك بحضور بليال ومولوك، وفي نهاية النقاش تطوع الشيطان لتسميم الأرض المخلوقة حديثا، ولقد تحدى أخطار الهاوية وحده بطريقة تذكرنا باونيسياس واينيس، أما القصة الأخرى فهي نوع جديد ومختلف من الملحمة حيث تم تقديم آدم وحواء للمرة الأولى في الأدب المسيحي وبينهما علاقة شرعية بدون خطيئة و كانا لديهما شخصيتهما المستقلة، وعواطفهما الجياشة و يمارسان الجنس أيضا. و قد نجح الشيطان في إغراء حواء بالانقضاض على زهوها و خداعها بخطاباته وقد رأى آدم وحواء وقد
أثمت وبمعرفة مسبقة قام بارتكاب نفس الإثم بأكله من الفاكهة.وبهذه الطريقة قام ميلتون بتصوير آدم كشخصية بطولية لكنها أكثر خطأ من حواء، ثم مارسا الجنس مرة ثانية ولكن برغبة لم تكن موجودة من قبل، و لقد تشاجرا بعد أن أدركا خطأهما بالأكل من فاكهة شجرة معرفة الخير والشر، ولكن اعتذار حواء لأدم صالحهما بعض الشيء، وقد ذهب أدم في رحلة مع أحد الملائكة و رأى فيها أخطاء العباد والفيضان العظيم وكان حزينا جدا بسبب الذنب الذي ارتكباه من أكل الفاكهة ومع ذلك فقد رأى للأمل من إمكانية التكفير عما فعلا من خلال رؤيته للسيد المسيح، و بعد هذه الرحلة تم طردهم من جنة عدن وأضاف الملاك بأن الإنسان قد يشعر بالجنة من خلاله و يكون سعيدا بذلك ثم أصبحا الآن على علاقة أكثر بعدا مع الله الكامل الوجود المختفي عن أعينهما (على خلاف الأب الملموس في جنة عدن كما كان فيما مضى).

ـ محتويات الكتاب :
ـ الكتاب الأول : في جملة طويلة افتتاحية يتضرع فيها الشاعر ويذكر غرضه وهو سقوط الإنسان وهدفه هو تبرير طرق الله للناس (ميلتون 4/26/1674) أما الشيطان والملائكة الأخرى الثائرة تم وصفهم بأنهم يستلقون على بحيرة نار من حيث يرتفع الشيطان ويدعي أن الجحيم هي ملكيته الخاصة مخاطبا أتباعه بعبارات حماسية قائلا انه من الأفضل لهم الخلود في النار عن الخدمة في السماء.
ـ الكتاب الثاني : وهنا يتنافس الشيطان والملائكة الثائرة حول ما إذا كانوا سيشنون حربا على السماء أم لا وقد أخبرهم بلزبيب أنه تم بناء عالم جديد وقد مر الشيطان من خلال أبواب الجحيم بحراسها الذنب والموت وقد وصف الشيطان بإعطاء ميلاد وللذنب بانفجار اللهب من جبهته كما ولدت أثينا من رأس زيوس.
ـ الكتاب الثالث: يتابع الله رحلة الشيطان ويتنبأ أن الشيطان سيكون سببا في سقوط الإنسان ويؤكد الله أن سقوط الإنسان سيحدث نتيجة لإرادته وأن الله يعفي نفسه من المسؤولية. أما ابن الله فقد عرض نفسه فدية لعصيان الإنسان وقد قبل الله بهذا العرض حيث أمر بتجسيد عقاب الابن في المستقبل. وقد وصل الشيطان لحافة الكون متخفيا في هيئة ملاك وتوجه إلى الأرض بواسطة اوريل حارس الشمس
ـ الكتاب الرابع : وقد سافر الشيطان إلى جنة عدن ولاحظ مناقشي آدم وحواء حول شجرة المعرفة المحرمة ولاحظ أيضا أن طيبتهما وبراءتهما تقفان عقبة أمام مهمته ولكنه رأى أن شرفه وإمبراطوريته الخالدة يرغمانه على القيام بهذا العمل الذي يجعله ممقوتا من الجميع. وقد حاول الشيطان إغراء حواء وهي نائمة ولكن الملائكة كشفت أمره وقام جبريل بطرده من الجنة.
ـ الكتاب الخامس : وقد استيقظت حواء وربطت بين حلمها واد ثم أرسل الله رافئيل لأدم لكي يحذره ويشجعه في آن واحد ثم ناقش مسألة الأقدار والإرادة الحرة ثم قام رافئيل بإخبار آدم بأن الشيطان قد شجع الملائكة للتمرد على الله .
ـ الكتاب السادس : وقد استمر رافئيل في وصف الحرب في السماء وشرح كم آن ابن الرب يقود الشيطان وأتباعه أسفل الجحيم
ـ الكتاب السابع : ولقد وضع رافئيل لأدم بأن الله قد قدر الموت خلف عالم أخر وهو الأرض وجذر آدم ثابتة بعدم الأكل من شجرة المعرفة لأن اليوم الذي سيؤكل فيه من الشجرة سيقضي عليه بالموت وسيكون الموت هو عقوبته لذلك عليه آن يكون حذرا ويضبط شهيته جيدا حتى لا يفاجئه الذنب ومعه مرافقه وهو الموت .
ـ الكتاب الثامن : وقد طلب آدم من رافئيل آن يعرف كل ما يتعلق بالنجوم والأوامر السماوية فحذره رافئيل بأن السماء إلى من أن يعرف ما يدور فيها لذلك يجب آن يكون حكيما ونصحه بالصبر والتواضع .
ـ الكتاب التاسع :وقد عاد الشيطان إلى عدن متخفيا في جسد ثعبان نائم وقد قام بإغراء حواء للأكل من فاكهة شجرة المعرفة فأكلت منها وأخذت بعض الفاكهة لأدم وقد أدرك آدم آن حواء قد تم خداعها فآثر آن يموت مع حواء على آن يعيش بدونها. في البداية أصبح آدم وحواء مسممان بالفاكهة ثم أصبحا في حالة من الرغبة والشهوة ومارسا الجنس سويا بعد ذلك حاولا تغطية أنفسهم بعد أن تم تجريدهما. بعد أن فقدا براءتهم ثم يأسوا يأسا شديدا وجلسوا في نحيب مستمر وتنغمر الدموع من أعينهم وأخذت حالتهم تسوء و تتخللهم الكثير من مشاعر الفض، الكراهية، سوء الظن والشك وساءت أيضا حالتهم العقلية الداخلية.
ـ الكتاب العاشر: أطلق الله ابنه إلى عدن لإطلاق حكم الله على آدم وحواء وعاد الشيطان منتصرا إلى الجحيم.
ـ الكتاب الحادي عشر: قام ابن الرب بالتوسل إلى الله بالنيابة عن آدم وحواء فأعلن الله انه يجب آن يتم طردهما من الجنة فهبط الملاك ميكائيل لإطلاق حكم الله ويكون بذلك قد فتح التاريخ المستقبلي للعالم.
ـ الكتاب الثاني عشر : وقبل خروج آدم وحواء من الجنة قام ميكائيل بإخبار آدم بموعد المجيء النهائي للسيد المسيح، وبذلك فقدت الفردوس انتهت القصيدة بــ:" لقد كان هذا العالم كله أمامهم حيث اختاروا مكان إقامتهم وطريق رشدهم وتعاونا بخطى بطيئة لكنها سديدة ومن جنة عدن اخذوا طريقهم الماسي ".

ـ تحليل الشخصيات:
-الشيطان: هو الشخص الأول الذي تم تقديمه في القصيدة، وقد تم تقديمه في جهنم بعد التمرد الفاشل للسيطرة على السماء أما رغبة الشيطان في التمرد على خالقه فهي ناجمة عن أحجامه لقبول حقيقته كونه كائنا مخلوقا وليس مخلوقا ذاتيا وهذا تابع عن تطرفه الزائد وكان أحد الطرق التي حاول فيها تبرير تمرده على الله هو ادعاءه أنه والملائكة مخلوقين ذاتيا وادعى أيضا آن الملائكة خلقت ورفعت دانيا، وبذلك يزيل سلطة الله كخالق لهم، وعلى أية حال فإن وجهات نظر الشيطان يتم تحريفها بصورة إجمالية .
-ادم : هو الإنسان الأول الذي خلقه الله في عدن وهو أكثر ثقافة وخبرة من حواء من ناحية الايجابية. فآدم هو نموذج للحاكم الطيب وكان يوجه حواء للبعد عن التفكير في كونها امرأة جذابة وكان يفعل ذلك بلطف شديد مستخدما القوة ولكن ليس بإفراط وبالرغم من آن ادم وحواء ليس متساويين في القصة ولكن ادم لم لكن أبدا حاكما مستبدا. وكانت تجمع ادم وحواء علاقة تبيعه متبادلة وهذا يوضح وجهة نظر ميلتون في علاقة الحاكم بأحد رعاياه وكذلك علاقة الزوج بزوجته .
أما من الناحية السلبية، فان آدم مثل الشيطان لديه مشكلة قلة المعرفة الذاتية لكنه مختلف عن الشيطان لأن الشيطان ذاتي ونرجسي في آن واحد، أما مشكلة آدم فتمكن في كونه معرض لخطر الافتتان، وسبب هذا الافتتان هو جمال حواء وهدا هو ما اشتكى منه أثناء حديثه مع رفائيل قائلا أنها شديدة الجمال وقد كان آدم يتحدث بقلق عن كونه يشعر بأنه تابع لحواء التي تبدو آن لديها اكتفاء ذاتي واستقلال بالفطرة، وكان آدم مذهولا حيال ذلك لأن المفترض آن تكون حواء تابعة له لأنه متيما بجمالها .
ـ حواء:هي الإنسانة الثانية التي خلقها الله فقد أخذ جزء من أحد أضلاع آدم وشكلها على شكل نسائي لأدم، من الناحية الايجابية فهي نموذج للزوجة والتابعة الوفية وقد وافقت آدم في قيادته لها بعيدا عن التفكير في جاذبيتها وذلك منذ أول مرة التقيا فيها وكانت واثقة في قدرة آدم على الأخذ بزمام الأمور في علاقتهما، وقد كانت حواء على قدر كبير من الجمال مما كان فيه خطرا عليها وعلى آدم، وجمالها لم يكن آدم وحده مهووسا به بل كانت هي أيضا كذلك .فبعد ميلادها نظرت بعناية إلى شكلها وجمالها في بركة ماء وكانت مذهولة بصورتها حتى بعد آن ناداها ادم عادت مرة أخرى لتنظر إلى صورتها حتى أمرها الله آن تذهب لآدم الذي ارتضت قيادته لها . وهذا يبين لنا أنها كم كانت مند البداية في خطر الافتتان بنفسها كالشيطان تماما، وكذلك الأولى التي اتصلت بالتأثير الشيطاني، فقد تسلل الشيطان إلى احد أحلامها لإغرائها وبعد هذا الحادث بدا واضحا أنها تريد تطوير كيانها المستقل وهدا هو ما حير ادم أثناء حديثه مع رفائيل حيث أنها تريد الانطلاق بنفسها للعمل في الجنة، وقد تطورت أيضا وجهة النظر الشيطانية في تنظيم الجنة حيث أنها تريد الانفصال بنفسها للحصول على عمل أكثر في الجنة وكانت قلقة بشأن عدم تنظيم الجنة وتمنت آن تقرض فيها نوعا من النظام والتي هي أمنية الشيطان أيضا.
- وقد وقعت أخيرا في مصيدة الإغراء فكانت الأولى التي تأكل من شجرة معرفة الخير والشر مما كان سياقي السقوط، ولم يتم تصويرها بصورة سلبية في هذه القصة، فمن خلال حديثها مع ادم عن ما إذا كانا سينفصلان أم لا، أخبرها آدم بأنهما يجب آن يظلا سويا لكي يتفاديا الإغراء حتى لو تم إغرائهما سيكون ذلك شيء غير مشرف لكليهما، وقد كان ذلك جدالا معيبا لهما، وأجابته حواء وهي محتلة الدور البطولي قائلة أنهما إذا استجابا للإغراء سيكون ذلك دليلا على آن الفضيلة عندهما ليست قوية بالقدر الذي يجعلهما يبدآ من جديد .
- وليست هذه المرة الأولى التي نرى فيها الجانب البطولي لحواء بالرغم من عيوبها، فبعد السقوط قام ادم بإلقاء اللوم عليها في جميع ما حدث وكان يتصرف كما لو كانت هي السبب الوحيد للسقوط بالرغم من انه في الحقيقة اختار آن يأثم بمحض إدارته، ولقد تحملت كل الإهانات الكلامية التي تلقتها من ادم واختارت آن تحتمل ذلك بدلا من مناقشته وإحداث شقاق أخر بينهما ، وبأخذها كل ذلك على عاتقها فهي بذلك تتصرف كشخصية السيد المسيح حيث تحمل أعباء خطأ لم يرتكبه وذلك لأجل مستقبل البشرية.
ـ ابن الرب : ابن الرب في الفردوس المفقود هو السيد المسيح ، فبعد آن أوضح الأب لابنه آن ادم وحواء سيسقطان وان جميع البشرية ستكون منكوبة بإتباع خطواتهم الملعونة، أعلن الابن بطولة انه سيتحمل العقاب على الإنسانية وبذلك يكون الابن قد بث روح الأمل في القصيدة لأنه بالرغم من آن الشيطان قد انتصر على البشرية بنجاحه في إغراء ادم وحواء ولكن هدا النصر مؤقت لأن الابن سيقوم بإنقاذ الجنس البشري، ومن المثير للانتباه آن الابن قد وضع لنا وجود خلل كبير في الفكر الديني الارثودكسي من جهة ملتون فان الاعتقاد المقبول في ذلك الوقت كما يقول آن الثالوث هو الجزء الكامل من الربوبية الواحدة وهكذا يعتقد كل الموجودين في ذلك الوقت، ولكن ميلتون صور لنا آن الابن قد خلق قبل الابن .
ـ الله:الرب الله هو خالق عدن، السماء، الجحيم، وكل الشخصيات الرئيسية والله قوي جدا بحيث لا يستطيع احد آن يهزمه حتى لو كان احد الملائكة الثلاثة الذين حرضهم الشيطان ضد الرب .وتصف لنا القصيدة عملية خلق الله للعباد بالطريقة التي توقع ميلتون حدوثها عليه وهي آن الله خلق السماء والأرض، الجحيم وجميع المخلوقات التي تسكن هده المستويات المنفصلة من جزء من نفسه وانه لم يتم خلقها من لاشيء .
ـ ملاحظة:
طبقا لما قاله ميلتون فان الذي أعطى الله هذه السلطة المطلقة هي حقيقة كونه خالق الكون وقد حاول الشيطان آن يبرر تمرده بإنكاره هذه السمة لله ولادعائه انه مخلوق ماضي ذاتيا ولكنه في داخله يعترف آن ذلك ليست الحقيقة قائلا (آن الله لا يستحق مني هدا التمرد لأنه هو الذي خلقني على ما أنا فيه ).

-متى وكيف كتبت هده الملحمة :
بدأ ميلتون كتابة هده الملحمة عام 1658 خلال السنوات الأخيرة للجمهورية الانجليزية، أما المشكلات الداخلية بين الفصائل السياسية والعسكرية المختلفة والتي أدانت الجمهورية، ربما تظهر في مشاهد الجحيم من الكتاب الثاني .وبالرغم من انه قد أنهى هذا العمل عام 1664، فلم يقوم ميلتون بنشر الكتاب حتى عام 1667 بسبب الطاعون القوي والحريق العظيم وقد أكمل ميلتون باقي العمل عند ما كان أعمى وكان ذلك يستلزم استخدام كتاب ذو رواتب وقد ادعى الشاعر آن روح القدس كان يلهمه أثناء الليل ويتركه مع الأشعار التي سيتلوها بالنهار.
ـ أما الطبعة الثالثة من الفردوس المفقود قد أهملت الترقين الموجود في مسودة المحفوظة الباقية وذلك اعتمادا على إضافة الترقين بالطابعة ولكن تم إهمال هذا الإجراء .
ـ السياق: لقد تأثر الكتاب بعدة أشياء منها : التوراة، تربية ميلتون الدينية ومتطورة الدين، وتأثر أيضا بعدة أشخاص منهم مينياس فليستير وادمونه سبينسر وكذلك الشعراء القدامى مثل فرجيل وثيوكرتس وبعد آن فقد ميلتون بصره أكمل العمل بمساعدة سكرتيراته وأصدقائه أمثال اندرومارفيل وبعد ذلك كتب ميلتون عن استعادة الفردوس ولكن اقصر من سابقتيها وتحدث فيها عن إغراء الشيطان للسيد المسيح وإمكانية عودة الفردوس ولكن هذه القصيدة لم تأخذ شهرة مقارنة بالقصيدة السابقة .
-أهم موضوعاتها :
أهم الموضوعات التي تناولتها القصيدة:
الزواج : عند التصفح المبدئي للفردوس المفقود نرى أنها قصة توراتية عامة تعرض خلق وسقوط ادم وحواء ولكن بعد التدقيق العميق في أحداث القصيدة لاحظ عدة نقاد العلاقة بين ادم وحواء وكيف أنها تعكس وجهة نظر ميلتون عن الزواج، وقد قدم ميلتون ادم وحواء للمرة الأولى في الكتاب الرابع وكلاهما مشهود له بالنزاهة.
-وقد أوضح دكتور جنيفر راست آن العلاقة بين ادم وحواء هي احد علاقات التبعية المتبادلة وليست علاقة هيمنة وتسلط وفي الوقت الذي جعل فيه المؤلف ادم أعلى من حواء باعتبار معرفته الثقافية وعلاقته بالله ، فقد منح حواء ميزة المعرفة من خلال التجربة. وقد أوضحت هرمن فان نوس انه بالرغم من وجود إحساس بالصرامة مرتبط بالأدوار المحددة للذكر والأنثى فان كل منهم ينفد ماهو مطلوب منه كما كان ذلك سيعمل على تقوية العلاقة بينهم .
-أما هذه التناقضات البسيطة فهي تبين وجهة نظر المؤلف في ضرورة وجود مشاركة بين الزوج والزوجة .بعد فحص العلاقة بين ادم وحواء، يميل النقاد إلى قبول انه إما ادم أو حواء هو صاحب وجهة النظر المسيطرة في علاقة السلطة وأهمية الله. ولقد ناقش ديفيد ميكيكس هذا الأمر قائلا آن هذه المواقف تبالغ في تصوير استقلالية الشخصيات ولذلك فقد ادم وحواء الطريق الذي تضافرا فيه مع بعضهم البعض.
- وتعكس رؤية ميلتون آن الزوج والزوجة ويقصد هنا ادم وحواء يعتمدان على بعضهم البعض ويستطيعان النجاح من خلال الاختلافات التي بينهما، بينما يعتقد أكثر القراء آن فشل ادم و حواء سببه سقوطهم من الفردوس، و يرى ميلتون آن ما نتج من تقوية حبهما هو العضو الحقيقي.
و بالرغم من أن ميلتون لم يذكر الطلاق بشكل مباشر في النص الأصلي للفردوس المفقود، فقد عرض النقاد نظريات قوية توضع وجهة نظر ميلتون عن الطلاق وهي تعتمد على استدلالات موجودة في الشعر، أما الأعمال الأخرى التي قدمها ميلتون عرضت أن المؤلف الانجليزي البارز يرى الزواج على انه كيان منفصل عن الكنيسة وبمعنى أدق، فيما يتعلق بالفردوس المفقود، فان بيبر مان يتأمل فكرة أن " الزواج هو عقد يصنعه الرجل و المرأة "، وبالاعتماد على هذا الاستدلال يعتقد أن له الحق في اختيار الزواج ...
ومن أهم الموضوعات التي تم مناقشتها في القصيدة هي:
الوثنية: و سبب وجهات النظر الاحتجاجية فيما يخص السياسة و الدين في القرن السابع عشر في انجلترا، فقد انتقد المعاصرون أفكار ميلتون و اعتبروه نوع من الثورية، و كانت احد أعظم مناقشات ميلتون المثيرة للجدل تدور حول مفهومه عن الوثنية وكما لاحظ النقاد أن هذا الموضوع تم شرحه بعمق في الفردوس المفقود.
و كان نقد كيلتون يكمن في نظرية بناء معابد و أبنية أخرى كأماكن للعبادة، وفي الكتاب الحادي عشر من الفردوس المفقود يحاول ادم التكفير عن ذنبه بعرضه بناء المذابح لعبادة الله، و في الرد على هذا العرض قال له الملاك ميكائيل موضحا أن ادم ليس محتاجا لبناء شيء لاختيار حضور الله.
و لقد أشار جوزيف لايل في هذا المثال موضحا أن اعتراض ميلتون على الهندسة المعمارية ليست شيء كريه أو صفة متأصلة في الأبنية و لكن ميلها في الشبه بالوثنية سيكون حتما سببا أساسيا في انتشار الوثنية.
و حتى لو كانت حواء نقية بالفطرة لكن يرى ميلتون أن هذا من السهل أن يؤدي إلى وثنيتها لأن هذه هي طبيعة البشر لأنهم بدلا من أن يجعلوا إيمانهم بالله، فإنهم يتشبثون بالمعتقدات الخاطئة التي تحيط إيمانهم.
وقد لاحظ النقاد أنه في الوقت الذي يسعى فيه آدم لبناء مذابح الله فان حواء متهمة بالوثنية ولكن بطريقة مختلفة.
ويعتقد بيت هاردينج أن نرجسية حواء وولعها نفسها يعد أيضا نوع من الوثنية، على وجه التحديد يدعي بيت هاردينج انه تأثير الثعبان، ووثنية حواء وتقديسها لنفسها، كل ذلك سيكون ينذر بالأخطاء التي سيرتكبها أبناءها.
وحواء تشبه آدم إلى حد كبير حيث وضعت إيمانها في نفسها وفي شجرة المعرفة و كذلك الثعبان و كل ذلك لا يقارن بالطبيعة لله، علاوة على ذلك فقد جعل ميلتون أرائه الخاصة بالوثنية أكثر وضوحا مع خلق بانديمونيام ، والتلميح إلى هيكل سليمان، في بداية الفردوس المفقود، يوجد خلال القصيدة عدة إشارات تتعلق بالارتفاع و السقوط النهائي لهيكل سليمان .
ولقد أوضح النقاد أن هيكل سليمان يمدنا ببرهان واضح عن كيفية أن ما صنع يدويا يمكن أن ينتقل من الممارسة العبادية إلى النهاية الوثنية .وهذا بعيد عن ما تم تقديمه في القصيدة، يعرض وجهة نظر ميلتون عن أخطار الوثنية بشكل واضح.وحتى لو قام أحد بتأسيس مبنى باسم الله فان أفضل النوايا يمكن آن تكون عديمة الأخلاق بالإضافة إلى ذلك فقد لاحظ النقاد وجود مقارنة بين بانديمونيام وكنيسة القديس بيتر باسيلكا والبانثيون ، أغلب هذه المقارنات تدور حول التشابه التركيبي.

شكرا جزيلا على مرورك