فقدْتُ قوتي وحياتي؛
فقدتُ خلاّني وأفراحي؛
فقدتُ كبريائي، وهي قوام عبقريتي.
لما عرفتُ الحقيقة، توهمتُ أنّها صديقتي؛
ولكني، لمّا فهمتها وعشتها، صرتُ أتقزّز منها.
لكنّ الحقيقة أبدية،
وكل الذين عبروا في هذه الدنيا جهلوها،
إنّ اللَّه يتكلم، وعلينا أن نجيبه.
إنّ المزيّة الوحيدة التي بقيت لي في هذا العالم
هي أني كنتُ أبكى في بعض الأحيان.(4)
2- الهاجس الدينيّ.(5)
... سألتُ: ما العمل إذن؟
فأجابني الملْحد: استمتع ثم مُتْ!
فالآلهة نائمون.
فقال الإيمان المسيحيّ: ليس لكَ إلاّ الأمل؛
فالسماء يقظة دائماً، وأنت لا تستطيع أنْ تموت.
وبين هذين القطبين تردّدتُ ووقفت:
أريد أن أمضي في أحلاهما.
وهتف بي صوتٌ خفيَّ: هذا لا يوجد؛
أمامَ السماء ليس لك إلاّ الإيمان أو الكفر.
... وغَشِيَ الأرضَ أملٌ فسيح؛
على الرغم منا يجب أن نرفع أبصارنا إلى السماء...!
3- من ليلة مايو(6)
. الشاعر : أصوتُكِ هذا الذي يناديني؟
أهذا أنتِ يا ربَّة شعري،
يا زهرتي وخلودي!
أنتِ أيها الكائن الطاهر المخلص؟
أيها الكائن الوحيد الذي فيه،
مازال حبي يحيا ويعيش؟
أجلْ، ها أنتِ يا شقرائي،
أنتِ يا محبوبتي وأخت روحي؛
أنا أشعر في عمق هذا الليل
بشعاعاتِ ثوبك الذهبيّ تغمرني
تتسلّل وتنساب في قلبي.
- آلهة الشعر: تناولْ قيثارَك يا شاعري
فأنا زهرتك الخالدة،
رأيتك هذه الليلة حزيناً صامتاً،
وكطائرٍ يناديه عشّ فراخه
نزلتُ من علياء سمائي
أبكي معك وأنتحب!
إنك تتألم يا صديقي،
الضجر الموحش يقرض نفسك ويُضنيك
وشيءٌ ما في فؤادك يُعولِ وينوح.
...تعال لنغنيّ أمام الله ونشدو،
في أفكارك وملذاتك الضائعة،
في آلامك وأتعابك الماضية،
ودعنا ننتقل في قبلةٍ إلى عالمٍ مجهول!
لنوقظْ أصداء روحك،
ولنتحدثْ عن السعادة والمجد والجنون،
وليكن هذا حُلُماً وأولَ حلم يأتينا،
لنوجدْ بعض الأماكن لنسلو فيها وننسى
لنرحل... إننا وحيدان، والكون لنا...