jozef002 Admin
عدد المساهمات : 6107 27287 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 09/04/2010 العمر : 33
| موضوع: دراسة في كتاب: "بنية القصيدة العربية المعاصرة" الأربعاء فبراير 02, 2011 6:28 am | |
|
دراسة في كتاب: "بنية القصيدة العربية المعاصرة" | | | أ.د. غسان غنيم | 2007-06-08 | تتناولدراسة الدكتور خليل الموسى موضوعاً مهماً في الشعر العربي الحديث المعاصر. ينصب على نمط من أنماط الشعر العربي ازدهر في فترة من فترات الحداثةالشعرية.. حين بدأت القصيدة العربية تتفلت شيئاً فشيئاً من قيود القصيدة وفقنمطها الغنائي.. نتيجة لعوامل كثيرة منها التطور الطبيعي الذي بدأ معالمهجريين، وبعض شعراء المشرق.. ممن اهتموا بالرومانتية والمدارس الغربيةالأخرى إضافة إلى قضية التأثير الغربي، عبر التلاقح الثقافي الذي أدى إلىاطلاع الشعراء العرب على الشعر الغربي ؛ الفرنسي والإنكليزي. هذا النمطدعاه المؤلف: "بالقصيدة المتكاملة" وربما استقى عنوانه هذا من تلاقيالعناصر الغنائية والدرامية على حد قوله في هذه القصيدة.. التي بدت لهجنساً مهجناً.. جمع فيه الشعراء بين العناصر الغنائية والعناصر الدرامية.. والسرد والحوار.. وبين "الأنا" أو الذاتي والموضوعي ورأى فيها تطوراًطبيعياً للجهود التجديدية التي بذلها الشعراء العرب منذ بدايات القرنالماضي.. من مثل "جبران" ـ و"ميخائيل نعيمة" و"خليل مطران" و"أبو ماضي" ـوجماعة "الديوان" ـ وجماعة "أبولو" وسواهم... قامت الدراسة على مقدمة وستة فصول وخاتمة.. وقد تناولت الفصول قضاياهذه القصيدة التي وجدها المؤلف تشكل جنساً مختلفاً ومميزاً.... له سماتهوخصوصيته في الشعر العربي الحديث والمعاصر.. وقد ابتدأ المؤلف بتعريف هذاالنمط "القصيدة المعاصرة المتكاملة فرأى أنها: "القصيدة الغنائية التييتوافر فيها البناء الدرامي الهرمي المتصاعد ويقوم التعبير فيها على شخصيةأو قناع ويعتمد حدثاً أو موقفاً من التراث الإنساني، ويتم التكامل بينالماضي... والحاضر والإيجابي والسلبي وفق حركة نمو سلبية تنبثق فيهاالنهاية من المقدسات لتكون القصيدة بناء متكاملاً موظفاً معاصراً بوساطةالإسقاط.. والقصيدة المتكاملة مركبة تتفاعل فيها العناصر الغنائيةوالعناصر الدرامية تفاعلاً عضوياً.. " (1) يغفل المؤلف في هذا التعريف ما ينوه عنه في ثنايا البحث ويفرد لهجانباً من البحث وهو البناء الموجي المتتابع.. على الرغم من أنه يذكرهويشير إلى وجوده وصعوبته في ثنايا البحث. ثميحاول قراءة حضور التراث ببعض مكوناته في القصيدة المتكاملة وليس في الشعركله بل في قصائد ينطبق عليها التعريف الذي وضعه المؤلف فيقرأ.. حضورالأسطورة والدين.. والتاريخ والحكاية الشعبية ويسميها مكونات ـ المكونالأسطوري.. والمكون التاريخي ص18 ولا أرى مسوغاً لهذه التسمية فاستخدامهذه المكونات قد درس في الشعر العربي تحت مصطلح متداول ومعروف وهو مصطلحالرمز.. فهناك دراسات للرمز الأسطوري، وللرمز الديني، والرمز التاريخي.. ولا أعرف مسوغات إعراض المؤلف عن استخدام المصطلح المنجز والمستعمل فيالدراسات النقدية والأدبية العربية.. كما أنه يذكر هذه المكونات كمرادفاتللمصطلحات التي ذكرت ففي صفحة -19- يشير إلى مصطلح الرمز الأسطوري قائلاً: "ويهمنا في هذا المجال ـ وهو يتحدث عن المكون الأسطوري ـ توظيف الرموزالأسطورية في تشكيل القصيدة المتكاملة تشكيلاً بنائياً عضوياً. "ويكرر هذاأثناء حديثه عن المكون الديني ص24 ويقول -2- (المكون الديني: وجاء استخدامالرموز الدينية في بنية القصيدة المعاصرة المتكاملة متأخراً بعض الشيء" -2- يؤخذ على هذا الفصل قلة استحضار النصوص ـ إلا في المكون التاريخي الذياستفاض فيه بالأمثلة وقلة استحضار النصوص جعل القارئ يغرق في عمليةالتنظير دون أن يجد ما يكفي لدعم الآراء الموضوعة في ثنايا البحث وهيكثيرة وعندما يدرس بعض الأمثلة يحملها أكثر مما تحتمل.. ومثال هذا دراستهلقصيدة النهر والموت " لبدر شاكر السياب فقد وجد في هذه القصيدة استخداماًللقناع الدرامي حين يتحدث الشاعر بلسان الإله الأسطوري "تموز" ص20 "فالتجأالشاعر إلى هذه الأسطورة وتوجه بالخطاب الشعري إلى نهره الحزين "بويب" ليكون التعبير من خلال الرمز الكوني الشامل ص20 "ويقول: ص22 « ثم يتابعالشاعر أحلامه ضمن احتفالية أسطورية فيحلم بأنه يخوض في هذا النهر كماتخوض فيه حوريات البحر ويتبعهن إلى القصور الفريدة في أعماق الماء وهذا منأثر حكايا الجدات في أيام الطفولة ».. ويقول ص23 ".. فينبغي أن نفصل بين النهر وتموز في هذا النص فالشاعريتقنع بقناع تموز ويخاطب النهر من خلال هذا القناع" -3- ولدى قراءةالقصيدة نلحظ بأنها قصيدة غنائية بكل جدارة ولا تقوم على استخدام القناع.. بل لا تلجأ إلى الرمز الأسطوري كله.. فهي قصيدة تقوم على التذكر الحزينللقرية.. ولفترة الطفولة الحزينة التي تذكره بموت أمه وأعزائه.. بنفس ذاتيواضح.. من كثرة تردد ضمير المتكلم في ثنايا القصيدة مما يجعلها غنائيةبامتياز.. ويبعدها عن الدرامية أو التكاملية وفق السمات التي حددها المؤلفنفسه وليس ثمة ملمح لتموز.. إله الخصب ولا يريد الشاعر أن يتحدث عن الخصبوهي سمة إيجابية بل يتحدث عن الموت واليأس وتمني الموت " أود لو غرقت فيكفالموت عالم غريب يفتنُ الصغار.. وبابه الخفي كان فيك، يابويب // وإذا كانثمة إشارة أو الماحة إلى رمز معين ـ فالإحالة تعيدنا إلى السيد المسيح ـوفي نهاية القصيدة، وليس إلى تموز../أود ّلو غرقت في دمي إلى القرار لأحملالعبء مع البشر.. وأبعث الحياة. إن موتي انتصار //.. فموت تموز لم يكنيهدف إلى حمل العبء مع البشر إنه موت المسيح.. الذي مات ليفتدي البشر بحسبالديانة المسيحية فهذا هو سبب موته المعلن على الأقل... فتموز مات بينماهو في الغابة... ولإرضاء ربة العالم السفلي "أرشكجال"..... والسيد المسيحهو الذي انتصر على الموت بالموت.لأن موته كان فداء وتضحية وكفّارة عنخطايا البشر... /بحسب المعتقد المسيحي/ القصيدة تموز في أجواء يائسة.. وتقترب من القصائد الغنائية الرومانتية. حاول الشاعر أن يعطيها بعداًأيديولوجيا. بقوله أود لو عدوت أعضد المكافحين.... ولكنه لم يتقنع بقناع "تموز" أو سواه في هذه القصيدة على الأقل. كما يجلب اهتمام المؤلف في هذا الفصل الكثير من المواعظ.. القائمةعلى أسلوب تقريري حاسم، لا يتناسب وطبيعة الموضوعات الإنسانية القابلةللكثير من الجدل والنقاش ومن ذلك قوله في ص16: "وإذا تخلت أمة ما عن جزءمن تراثها... سهل عليها أن تتخلى عنه جملة في يومٍ ما "أو قوله ص16 "وكلحداثة غريبة عن الجذور اصطناعية سرعان ما تذبل أغصانها فتجف ثم تموت ". ومثل هذا ما جاء في ص40 "قوله": "وذلك لأن طبيعة البحث العلمي تجعل كلمتهم مشغولاً عن غيره بما بين يديه.. وهذه مشكلة كبرى يعانيها الباحث إذاكان شاعراً.لأن الحياة بمباهجها تجذب الشعراء إليها للتعبير عن العصر فيحين تجذب الباحث المصادر والمراجع وهذه مشكلة زمنية أخرى كان الطالبالباحث الشاعر يعانيها في المتاحف والمكتبات العامة..." فثمة نفس جازم حاسم ووعظي في تقرير الأمور لدى المؤلف... وليس ذلك منطبيعة الدراسة في مجال الأدب والشعر والإنسانيات بشكل عام. يمتلك الباحثثقافة جامعة متنوعة، تظهر بشكل واضح في أثناء محاولاته تحليل النصوص التييتعرض لها... وأحياناً تأخذه الحال.. فيسير وراء معارفه الثقافية... ويتركالتحليل إلى حين... وقد حدث ذلك في أماكن من الدراسة.. منها... على سبيلالمثال لا الحصر.. أثناء تحليل قصيدة "النهر والموت"... يقول: ((وملامحهذا الإله الأسطوري متجلية في النص، فهو الذي "يموت ويبعث ويشكل موتهانتصاراً للأرض والإنسان، وهو بطل إلهي خالص ؛هنا يترك المؤلف تحليلالنص.. ويركز على ملامح ثقافية من ثقافته ـ يقول "فمن المعلوم أن الآلهةفي الأساطير لا تعرف الموت العدمي،وإذا حدث إن مات أحدها فإن بعثه ليسمستحيلاً، وهذا على نقيض الشخصيات الأسطورية التي تكونت صفاتها من عناصرإلهية وعناصر بشرية من أمثال جلجامش الذي كان ثلثاه من الألوهة وثلثهالباقي من البشر وشخصية آخيل في الأسطورة الإغريقية، فإن موت أمثال هذهالشخصية أو تلك عدمي لا رجعة منه، ولكن موت تموز مختلف، فهو يطعن بنابالخنزير البري. وتتناثر أعضاؤه هنا وهناك، وتفيض دماؤه في الأنهر الجافةلتبعث الحياة في عناصر الطبيعة، فيبعث تموز مرة أخرى، وهكذا تتم دورةالحياة في الفصول..)) ص420 ويتضح من هذا المقطع مدى سعة معرفة المؤلف.. ويستحسن لو جعل هذهالمعلومات في حاشية من الحواش حتى لا يفقد التحليل تتابعه في ذهن القارئفيشتته... وقد برزت هذه المعرفة لدى المؤلف في أماكن كثيرة من البحث. ومنها ما ظهر في الفصل الثاني "المؤثرات.. والمكونات الخارجية فيبينة القصيدة العربية الحديثة. حيث استغرق في الشرح النظري ـ وبشكل جذاب ـفي إظهار السمات والأسس التي قامت عليها بعض المدارس الأدبية الغربية،الرومانتية، والرمزية والسريالية فاستهلك قرابة خمسين صفحة في شرح هذهالمدارس ونشأتها وأهم الأسس التي قامت عليها.. وعرّج على نظرية المعادلالموضوعي لـ ت ـ س إليوت ـ ولو قام الباحث بالإشارة إلى أهم الأسس التيقامت عليها هذه المدارس ثم اكتفى بإحالة القارئ إلى مراجع ومصادر لوفرجهداً عليه وعلى القارئ... وعلى الرغم من اعترافه بأن تأثيرات السرياليةكانت قليلة ويصعب أن نتتبع بصماتها في أدبنا المعاصر ص84 إلا أنه صرفقرابة (15) خمس عشرة صفحة في دراستها بينما أغفل الإشارة إلى المدرسةالواقعية الاشتراكية وتأثيراتها / كما أغفل تأثيرات الوجودية على الرغم منحضورهما المؤثر في أدبنا الحديث وبخاصة في فترة الخمسينيات والستينيات منالقرن الماضي... فالبياتي وصلاح عبد الصبور.. وأحمد عبد المعطى حجازيوالسياب في بداياته وشعراء الأرض المحتلة جميعهم تأثروا بالواقعيةالاشتراكية.. إضافة إلى شيوع موضوعات الوجودية لدى بعض شعراء الحداثة، وقدتعرض المؤلف لبعضها... من مثل الاغتراب... والقلق والضياعوالحرية...والموت... ولكن الفصل يبقى من بين أهم الفصول في الكتاب المهم كله... حيث بينالباحث مواضع التأثيرات الغربية في شعرنا الحديث والمعاصر فشيوع استخدامالأسطورة في شعر تلك المرحلة فرضته حالة داخلية ساعية إلى بعث هذه الأمة.. مما دعا الشعراء إلى الاهتمام بكل رموز الموت والانبعاث المجسدة فيأساطيرنا الشرقية، إضافة إلى تأثير المدارس الغربية والشعر الغربي، وشعرإليوت وتنظيراته على وجه الخصوص... وهذا مما يحمد للبحث على الرغم من وجوددراسات تناولت هذا... إلا أن الدراسة جمعت الكثير من الإشارات التي تبينمواضع التأثير عبر تكثيف غير مخل... واستقصاء غير ممل وهذه واحدة مناحتياجات الدراسات الأدبية الجادة. يعد الفصل الرابع من الدراسة من أهم فصول البحث، حين يتحدث عن بنية القناع في القصيدة المعاصرة... " أظن أن قضية القناع هي الجوهر الأساس الذي انبنت عليه الدراسة. فالشاعر العربي استطاع أن يتحرر من ربقة التقليد في القصيدة العربية،ويهرب من سيطرة الغنائية عليها عندما استطاع الاستتار وراء قناع تراثي أوإنساني، يتحدث من خلاله عن نفسه، وعن أمته وشعبه... بشيء أقرب إلىالموضوعية مختلطة مع مشاعر ذاتية. مما أدى إلى ظهور قصيدة جديدة، بل نمطشعري جديد ـ وفق رؤية المؤلف ـ هو القصيدة المتكاملة التي تتكامل فيهاالعناصر الغنائية والدرامية. ويشير المؤلف ص211 إلى "أن الشاعر هو الذي يبتدع أقنعته.." وأظن أنالأكثر دقة، أن الشاعر يبتدع بعض أقنعته.. لأن بعضها الأخر موجود غيرمبتدع.. بل معظم أقنعته موجودة سلفاً.. القناع الأسطوري.. والتاريخي.. والديني.. وقناع الحكاية الشعبية، إنما يتوسلها الشاعر للحديث عن تجربةشخصية أو جماعية تتماثل أو تتشابه مع تجربة شخصية القناع... أما الأقنعةالمبتدعة كقناع "حفار القبور" والمومس العمياء للسياب.. والبحار والدرويشلحاوي فهي رموز فنية شعرية استطاع الشعراء ابتداعها وخلق بناء متكامل قابلللحياة والإيحاء والبث.. وهذا ما يدعى بالرمز الفني الذي يبدعه الشاعر علىغير مثال مسبق كما هي حال الرموز الأسطورية أو الدينية أو التاريخية أوالشعبية أو الأدبية لان هذه الرموز "أو الأقنعة"موجودة وتحمل دلالة مسبقةمن نوع ما.. صحيح أن الشعراء يحطمون بعضاً من هذه الدلالات لإعادةبنائها.. ضمن السياق الشعري قصد التوظيف، إلا أنها تبقى بخلاف الرموزالفنية المبتدعة تحمل جزءاً من الدلالة التي تلزم الشعراء مراعاتها سلباًأم إيجاباً. كما أشار المؤلف إلى أمر أخر في دراسته لبنية القناع حيث يقول ص210 "ولذلك فإن القناع حيلة بلاغية أو رمز أو وسيلة للتعبير عن تجربة معاصرة "-4- إن قوله: إن القناع حيلة بلاغية يجذب الذهن نحو المحسنات اللفظيةالتزيينية... التي ظهرت في سياق البلاغة العربية على أنه حلية مضافة إلىبناء القصيدة أو البيت الشعري في القصيدة العربية القديمة... بينما كانالقناع يشكل بنية القصيدة المتكاملة، وحالة عضوية تدخل في بناء القصيدةوهيكلها. وليس لصاقة إضافية تزين القصيدة فالقناع هو القصيدة لأنه يشكلبنية عضوية غير مضافة إلى القصيدة ـ من وجهة نظري ـ وثمة فرق يستحسنالانتباه إليه في هذا الموضوع. إن موضوع القناع.. الذي استأثر بجهد الباحث،لم يمنعه من رؤية الأخطاءالتي وقع بها بعض الشعراء في استخدامه، وهذا مما يحمد للبحث.. فعادةيستأثر الموضوع بألباب الباحثين فيعمون عن السلبيات، ولكن د.خليل الموسى،لم يقع في هذا المطب.. فأفرد جانباً للحديث عن "عيوب استخدام القناع فيالقصيدة العربية المعاصرة " وذكر منها: 1ـ الإستطالات التي لا ضرورة لها في القصيدة. 2ـ الاستخدام الجزئي للقناع في القصيدة. 3ـ أن يظل الشاعر أسير الصوت الغنائي. 4ـ أن يظل الشاعر أسير الدلالة التراثية في القصيدة كلها أوفي أجزاء منها. 5ـ أن يرفع الشاعر القناع عن وجهه ليتدخل في شؤون القناع. وسأقف عند الاستخدام الجزئي للقناع في القصيدة العربية المعاصرة فقدوضع الباحث هذا الاستخدام في خانة العيوب... وهو بهذا يخرج قسماً غير صغيرمن الشعر العربي الحديث والمعاصر خارج إطار الجودة... بل يقصر الحداثةوالاستعمال الجيد على القصائد التي توسلت الأقنعة بشكل كلي غير جزئي.. وليس هذا من الدقة.. فكثيرة هي القصائد التي استخدمت الرموز أو الأقنعة ـعلى حد تعبير المؤلف ـ بشكل جزئي وظلت قصائد جميلة.. فهذا الاستخدام نمطأخر موجود ويجب أن نعترف به.. ولكن "الموسى" أخرجه.. فأخرج جُلَّ الشعرالحديث والمعاصر من خانة الجودة في استخدام الرموز.. واقتصرت الجودة لديهعلى القصائد الطوال في الشعر العربي الحديث التي توسلت الرمز الشامل أوالقناع كما أراد... وهي قليلة كماً أمام الشعر العربي الحديث والمعاصرالذي استخدم الرمز الجزئي أو القناع بشكل جزئي. وفي الفصل الخامس "بنية الشخصية الدرامية"وهو فصل مهم أيضاً. وفيهمعلومات مهمة حول الشخصية وصفاتها في الدراما والشعر. وفي المقطع الثانييقوم الباحث بتكرار تحليل قصيدة "حفار القبور" لبدر شاكر السياب على الرغممن أنه وقف عندها طويلاً في أكثر من محطة في ثنايا البحث، كما في الفصلالثالث في القسم الذي يتحدث فيه عن الموضوعات الغنائية في القصيدةالمتكاملة ص160 والأمر الملفت أن الباحث يكرر التحليل بشكل شديد التقارب.. فيصف القصيدة خارجياً من حيث عدد أبياتها ومقاطعها ويكرر ذلك ص240 ثم يكرركثيراً من العبارات التي حلل من خلالها القصيدة في المرة الأولى. من ذلكمثلاً "كما تنجلي لنا من خلال المنولوغ الداخلي خيبته المرة، فقد كان يمنينفسه بمعاقرة الخمور، ومعاشرة البغايا، وأن يفتتح المدينة كالغزاة. ولكنالمال الذي في جيبه لا يساوي ثمن طلاء قرمزي على شفاه غانية ". وهذا ماذكره بعبارات متقاربة في صفحة 161 ـ السطر الخامس من المقطع الثاني يقول: "ثم يعود إلى الحوار الداخلي في بقية المقطع ويبدو من خلاله أن الحفار يعيوضعه الطبقي فهو يدرك أن ما في جيبه لا يخوله اقتحام المدينة كالفاتحينولا يساوي ثمن الطلاء القرمزي على شفتي امرأة يتمنى وصالها.. " 6 كمايتساوى عدد الصفحات في المرتين /9/ ـ /8/ صفحات ومثل هذه التوازيات كثيرةفي تحليله المتكرر لهذه القصيدة.. وربما تجنب هذا الأمر..لو حاول تحليلقصيدة متكاملة أخرى وقناع آخر مختلف فيضيف شيئاً جديداً، ويهرب من تكرارذاته. ويتناول في الفصل السادس "عناصر البناء الدرامي وتكامل القصيدة" فيتناول الحكاية والحدث الدرامي ـ والصراع ـ والحوار الدرامي وبناء الحدثالحبكة وسأقف عند معالجته لمسألة الحدث الدرامي...الذي يعرفه بقوله: "الحدث غير الحكاية فقد تسرد في خبر صغير في حين يحتاج الحدث إلى صفحات. وهو الحركة الداخلية في العمل الفني وربط الأحداث بعضها ببعض..." /7/ وأظن أن ثمة اختلافاً في فهمنا لقضية الحدث الدرامي، فهو كما أفهمهحدث صغير ومؤثر يحرك العمل الدرامي.. ويشكل واحداً من أهم المحركات التييدفع بالعمل للانطلاق ثم للاكتمال... وقد لا يحتاج إلى أكثر من صفحة فيمسرحية... فمن ذلك مثلاً.. ما حدث في بداية مسرحية هملت الشهيرةلشكسبير... فالحدثالمحرك هو ظهور الشبح لهاملت يخطره بأن أباه اغتيل علىيد شقيقه كلوديوس وهذا الحدث ساعد على الوصول بالمسرحية إلى ذروة التأزمفكان محركاً أساسياً لمجموعة الحوادث التي تمت في المسرحية وعلى مداهاتقريباً. وقد عرفه د. إبراهيم حمادة في معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية: " أية واقعة تحدثها الشخصيات في حيزي الزمان والمكان وتسهم في تشكيل الحركةالدرامية والفعل المسرحي " -8- فليس مهمة الحدث ربط الأحداث كما جاء لدىالمؤلف بل هو المحرك الذي يدفع الفعل الدرامي نحو الأمام. قد يتردد المؤلف أحياناً في أحكامه.. فمن ذلك أنه يبشر باكتشاف جنس شعري وليد ثم سرعان ما تردد في الخاتمة. يقول ص251 "وليست هذه القصيدة "حفار القبور" غنائية خالصة أو دراميةخالصة وإنما امتزج فيها السرد بالإحساسات وعناصر الدراما بالعناصرالغنائية لتكون جنساً شعرياً وليداً من جنسين دعوناه "القصيدة المتكاملة" ثم يقول في الخاتمة ص325 "تكاد القصيدة المتكاملة" أن تكون جنساً جديداًأو هو جنس مهجن.. " -9- فقد انتهى البحث ولم يحسم أمره إن كانت هذه القصيدة تشكل جنساً شعرياً ذا خصوصية وتميز أم لا. وكان أحياناً يعد بأمور لاينفذها ذلك من قوله في ص19 "كما نؤجل الحديثعن استخدام الأسطورة الإغريقية والرومانية إلى مكان آخر " -10- هذا المكانالذي تأخر إلى أن غاب نهائياً عن الدراسة. إن دراسة د. خليل الموسى "بنيةالقصيدة العربية المعاصرة " دراسة من بين أهم الدراسات التي تناولت شعرناالعربي المعاصر فقليلة هي الدراسات التي تمتعت بهذا العمق والاستقصاء... وواضح جداً الجهد الكبير الذي بذله المؤلف لإنجاز هذه الدراسة التي استقصتقسطاً مهماً وواسعاً من الشعر العربي الحديث... وتناولت تجارب أهم الشعراءالعرب المحدثين والمعاصرين ممن هضموا تجارب التحديث ومحاولاته.. كما هضمواالتأثيرات التي استقصوها من التجارب الغربية التي سبقت إلى استخدام النفسالدرامي في القصيدة.. ويلحظ لدى الباحث الدكتور الموسوعية والإحاطة.. والقدرة الكبيرةغالباً على التعامل مع النصوص مما ينقص بعضاً من باحثينا ممن تصدوا لدراسةالشعر العربي المعاصر.. فللباحث حساسية ورهافة واضحتين في تعامله معالنصوص وربما عاد ذلك في جزء منه إلى كونه شاعراً خاض التجربة الإبداعيةكما خاض التجربة النقدية بكفاءة واقتدار. كما يذكر للباحث موضوعيته وعدم شططه في التعامل مع موضوعه ومع مادةهذا الموضوع.. فهو لايغفل مثلاً عن ذكر بعض العيوب التي وقع فيها الشعراءالذين اصطنعوا هذه القصيدة وهذا النمط في كتابة الشعر. كما يذكر للباحث استقصاؤه للمصادر والمراجع.. ويظهر هذا في غنى مكتبةالمصادر والمراجع التي شكلت مادة بحثه وهي حقاً مكتبة كما سماها الباحثنفسه.. فمن النادر أن نقع على بحث وصلت مصادره ومراجعه العربية والأجنبيةوالمعربة إلى قرابة أربعمئة مصدر ومرجع ومجلة.. وكتاب.. فمثل هذا العدديشيرإلى الجهد وإلى موسوعة معارف الباحث ومدى استقصائه وتوسعه.. إن دراسة "خليل الموسى" بنية القصيدة العربية المعاصرة " واحدة من بيناللبنات الأساسية في بناء نقدنا المعاصر الذي تناول الجنس الشعري الحديثبل أساساً يمكن الرجوع إليه في دراسة هذا الشعر وبوابة لابد من ولوجهالفهم ماهية هذا الشعر ومعرفة بنيته الفنية والمعنوية. الكتاب: بنية القصيدة العربية المعاصرةالمؤلف: د. خليل موسىاتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 2003 الهوامش: 1ـ الموسى خليل: بنية القصيدة العربية المعاصرة. اتحاد الكتاب العرب دمشق 2003 ـ ص15 2ـ الموسى ـ خليل: المصدر السابق ص19-24 3ـ الموسى ـ خليل: المصدر السابق ص20-22-23 4ـ الموسى ـ خليل ـ المصدر السابق ص210. 5ـ الموسى ـ خليل ـ المصدر السابق ص210-211-212-213. 6ـ الموسى ـ خليل ـ المصدر السابق ص242-243-161 7ـ الموسى ـ خليل ـ المصدر السابق ص276 8- حمادة ـ إبراهيم: معجم المصطلحات الدرامية والمسرحيةـ دارالمعارف ـ مصر1981-ص99 رقم المصطلح -173- 9- الموسى ـ خليل: المصدر نفسه ص251ص19 ـ وص325 10ـ الموسى ـ خليل المصدر نفسه ص19 | | |
|
سارة سوسو Admin
عدد المساهمات : 3024 17839 السٌّمعَة : 100 تاريخ التسجيل : 01/01/2011 العمر : 35
| موضوع: رد: دراسة في كتاب: "بنية القصيدة العربية المعاصرة" الأحد فبراير 06, 2011 7:41 pm | |
| والله ماني عارفة واش نقول قدمتلي خدمة كبيرة عمري ما ننساها كل معلومة تخدمني في بحث التخرج نتاعي الله يعطيك ما تتمنى
| |
|