مَن يشتري العَبدْ
عن تواضع النبي محمد صلى الله عليه وسلم انه كان يمازح الفقراء والضعفاء ويدخل السرور والبهجة إلى قلوبهم وفي ذلك قصص كثيرة يروي لنا انس رضي الله عنه واحدة منها نأتي بها هنا عنه قال إن رجلا من أهل البادية اسمه زاهر بن حرام كان يزور النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل مرة يهدي إليه من هدايا البادية والرسول صلى الله عليه وسلم يهديه من هدايا المدينة فكان يحضرمن خيرات البادية سمنا أو إقطا أو غير ذلك بينما يهديه النبي صلى الله عليه وسلم تمرا ونحوه وكان زاهر دميما شديد الدمامة وفي أحد الأيام أتى زاهر رضي الله عنه من البادية ودخل المدينة فأراد أن يزور النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يذهب إلى ما عنده من شغل فاقبل إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم فطرق الباب لكنه لم يجده في الدار وكان معه متاع فذهب إلى السوق ليبيعه ولما عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته وأُخبر بان زاهرا قد جاءه لم يفكر بأنه رجل بسيط ومسكين وغير مهم وانه ربما سيراه في العصر أو المغرب وانه ليس بأهمية صحبه بل خرج من فوره ليبحث عن زاهر وفكر أين يمكن أن يكون قد ذهب زاهر ففكر بأنه ذهب إلى السوق فاتجه إلى هناك ليبحث عنه فلما وصل وجعل يتلفت فإذا بزاهر قد جعل متاعه بين يديه وهو ينادي لبيع ما عنده من بضاعة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد اشتاق إلى زاهر فاقبل يمشي نحوه وتخيلوا المنظر معنا فزاهر رجل إعرابي جاء من البادية وعمله الرعي وتربية الأغنام وباقي الماشية والقيام عليها مما يعني انه ربما تكون رائحته من رائحة تلك الماشية وربما يكون لباسه من جلودها وصوفها أيضا وهو يقف مناديا على البضاعة وعرقه يتصبب وإذا بالنبي الذي هو رائحته أطيب من المسك و أزكى يقبل تجاه زاهر من وراءه يمشي رويدًا رويدا ولما وصله من خلفه بكل هدوء قام بحضنه من الخلف ماسكا إياه وزاهر لا يدري ما الأمر ومن الذي يمسك به فخاف أن يكون أحدا يريد إيذائه ففزع وقال أرسلني أرسلني من هذا فسكت النبي صلى الله عليه وسلم وزاهر يحاول الخلاص من قبضته وجعل يتلفت ويحاول أن يرى من يمسك به فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يزيد الأمر على زاهر فينادي قائلا ((مَن يشتري العبد,مَن يشتري العبد)) فتغير زاهر وغضب وفكر بان الرجل يريد أن يسرق متاعي وأيضا يريد أن يبيعني معه فالتفت زاهر كل جهده ليكتشف إن من يمسك به هو النبي صلى الله عليه وسلم فزال عنه الفزع ولصق ظهره على صدر النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله تبيعني إذا والله تجدني كاسدا فمن يشتريني فقال له النبي(( لكنك عند الله لست بكاسد أنت عند الله غال)) ففرح زاهر بما قاله له النبي واستبشر خيرا كثيرا.