سارة سوسو Admin
عدد المساهمات : 3024 17831 السٌّمعَة : 100 تاريخ التسجيل : 01/01/2011 العمر : 35
| موضوع: شرح الحكمة الأولى من الحكم العطائية لأبن عطاء الله السكندري الثلاثاء مارس 15, 2011 3:22 am | |
| يقول ابن عطاء الله السكندري: 1- (من علامة الاعتماد على العمل ،نقصان الرجاء عند وجود الزلل): يعني أن من علامات تعويل العامل على عمله أن ينقص رجاؤه في رحمة الله عند وجود زلله . ومفهومه رجحان الرجاء عند التحلي بالعمل والتخلي عن الزلل ، وهذه الحكمة إنما تناسب العارفين الذين يشاهدون أن الأعمال كلها من رب العالمين ، لملاحظتهم قوله سبحانه في كتابه المكنون : (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) الصافات (96)
فلا يعظم رجاؤهم بالأعمال الصالحة حيث إنهم لا يشاهدون لأنفسهم عملاً ، ولا ينقص أملهم في رحمة الله إذا قصروا في الطاعة أو اكتسبوا زللا ، لأنهم غرقى في بحار الرضا بالأقدار ، متمسكون بحبل قضاء { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ } القصص (68) فإن الرضا بالقضاء واجب من حيث إرادته له ، ومذموم من حيث الكسب ، ما انفكت الجهة . وقد قال المصنف في بعض قصائده : ولا يَمْنَعْهُ ذنبٌ من رَجَاءٍ فإنَّ الله غَفارُ الذُّنوب وأما السالكون فإنما يناسبهم الفرح بصالح العمل ، وتقديم الخوف المستلزم لنقصان الرجاء عند وجود الزلل ، على حد قول الإمام الدردير : وغَلِّبِ الخوفَ على الرجاءِ وسِرْ لمولاك بلا تناءِ لا سيما في هذه الأزمنة التي رقت فيها الديانة ، وكثرت الجراءة على المعاصي ، وقلَّتْ فيه الأمانة . فإن الله تعالى جعل الأعمال الصالحة سبباً لرفع الدرجات بدار القرار ، والأعمال الطالحة موجبة للدرك الأسفل من النار ، قال تعالى : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى(5)وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى(6)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى(7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى(8)وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى(9)فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) } الليل وإنما بدأ المصنف بما يناسب مقام العارفين ، وإن كان مقتضى الترقي البداءة بمقام السالكين من الحث على حسن المتاب ، والتمسك بالأسباب الموصلة إلى الكريم التواب ، ليكون السالك حسن البداية التي بها تشرق النهاية . فمقصوده بهذه الحكمة تنشيط السالك المجد في الأعمال ، ورفع همته عن الاعتماد عليها ، واعتماده على محض فضل ذي العزة والجلال . كما أشار لذلك ابن الفارض بقوله : تمسَّكْ بأذيالِ الهوى واخلَعِ الحَيا وخلِّ سبيلَ النَّاسكينَ وإنْ جَلُّوا فإنه لم يُرِدْ الأمرَ بترك العبادة ، لأنه كان من أعظم العُبَّاد ، بل أراد عدم التعويل عليها ، والاعتماد على فضل الكريم الجواد . وفي الحديث : " لن يُدْخِلَ أحداً عملُهُ الجنة " قالوا : ولا أنت يا رسول الله . قال : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضله ورحمته " . وقد جُمع بين هذا الحديث و آية : { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل (32) بأن العمل لا يكون معتبراً إلا إذا كان مقبولاً ، وقبوله بمحض الفضل ، فصح أن دخول الجنة بمحض فضل الله، وأن العمل سبب ظاهري متوقَّف عليه . والله تعالى يوفقنا لما فيه رضاه .
المصدر: شرح حكم الإمام ابن عطاء الله السكندري للشيخ عبد المجيد الشرنوبي
| |
|