سارة سوسو Admin
عدد المساهمات : 3024 17833 السٌّمعَة : 100 تاريخ التسجيل : 01/01/2011 العمر : 35
| موضوع: بين الإيمان والسلوك الخميس مارس 17, 2011 10:05 pm | |
| لا شك أن الفصل بين ما نؤمن به وبين السلوك الذي يعكس ذلك من أخطر الاسباب التي تحيل حياة الواحد منا الى شقاء نفسي وصعوبة للمضي بسلام في هذه الحياة وكمسلمين نتساءل:كيف كان ايمان سلفنا؟كيف جمعوا بين ايمانهم وسلوكهم؟وهل يعد ذلك ضروريا؟ فلا شك أن فصل المعاني والقيم الروحية أو تحييدها عن مجرى حياتنا لن يزج بنا الا في متاهة وثقب يبتلع كل انجازاتنا ..بل وكل سعادة واحتفاء بما ظننا أنه مكمن السعادة .. بين الايمان والسلوك محمد عبد الفتاح عليوة لقد استفاض القرآن الكريم بذكر صفات المؤمنين التي يستدل بها عليهم ، وإذا تتبعنا هذه الصفات وجدناها في معظمها صفات خلقية سلوكية ، مما يدل على أن الإيمان ليس دعوى لسانية لا دليل عليها ، وإنما هو اعتقاد قلبي يثمر سلوكا وعملا ، وصفات حميدة يتخلق بها المؤمن ، ويعيش بها محمودا بين الناس ، محمودا عند الله عز وجل قال تعالى في سورة الأنفال :[إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ(3) أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ(4) ]. {الأنفال}. وقال أيضا في سورة الأنفال:[وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ] {الأنفال:74} وقال تعالى مفتتحاً سورة المؤمنون التي سميت باسمهم بذكر أهم صفات المؤمنين:[قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ(7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(9) أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ(10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(11) ]. {المؤمنون}. وقال تعالى أيضا في ذكر صفاتهم في سورة الحجرات: [إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ] {الحجرات:15} فالمؤمنون كما ذكرت الآيات السابقة وغيرها الكثير من آيات القران هم قوم أصحاب سلوك وأعمال ، فهم لا يكتفون بقولهم إنا مؤمنون ، لكن إيمانهم الحي المتدفق يدفعهم دفعا إلى العمل المتواصل من أجل تحقيق غايتهم في الحياة وهى إرضاء الله عز وجل ، فهم يعملون الصالحات ، والصالحات كما تعلموها من الإسلام الصحيح كل عمل يحبه الله ويرضاه ينفع به نفسه والآخرين سواء كان عملاً قلبياً أو عملاً للجوارح . فهم كما ورد في سورة الأنفال يجمعون بين أعمال القلب فتوجل قلوبهم عند ذكر الله وعلى ربهم يتوكلون ، وأعمال الجوارح فهم يقيمون الصلاة ومما رزقهم ربهم ينفقون.وهم في الآية الأخرى مجاهدون في سبيل الله بالكلمة والسيف ، يأوون إخوانهم في العقيدة ويناصرونهم .وهم في سورة المؤمنون خاشعون في صلاتهم ، عن اللغو معرضون ، للزكاة فاعلون ، حافظون لفروجهم ، مؤدون لأماناتهم ، راعون لعهدهم.وهم في سورة الحجرات ثابتون في إيمانهم تغلغل اليقين في نفوسهم فهم لا يرتابون ، مجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. وهذا المعنى للإيمان هو الذي كان حاضراً في نفوس الصحابة رضى الله عنهم فهم لم يفهموا الإيمان مجرد تمتمات بالشفاه ، أو تسبيحات على الألسن خاوية من حضور الذهن والقلب ، أو ركعات خالية من الخشوع ، وإنما الإيمان عندهم عمل وسلوك ، وأخلاق وجهاد ، وتضحية وتجرد للغاية ، وحملا للرسالة بقوة وتبليغا لها بهمة ، وموتا في سبيلها إن اقتضى الأمر ذلك ، فكانوا كما وصفهم الناس رهبان بالليل فرسان بالنهار ، تسمع أزيز صدورهم وهم وقوف بين يدي الله في جوف الليل تظنهم لا يحسنون إلا العبادة ولا يعرفون إلا المحاريب ، وتسمع زئير أصواتهم وصهيل خيولهم بالنهار تظنهم لا يعرفون إلا المعارك ولا يحسنون إلا ضرب السيوف ورمى السهام وركوب الخيل ، وبهذا الفهم والتطبيق سادوا الدنيا ، ونشروا الإسلام ، وأصبحوا منارة مضيئة تشرئب إليها الأعناق ، وترنو إليها الأبصار ، وتهفو إليها النفوس . أما هذا الفصام النكد بين القول والعمل ،والاعتقاد والسلوك فلم يعرفه المجتمع النبوي ولا مجتمع الصحابة رضى الله عنهم ، وعلى مر الأيام بدأت الزاوية تنفرج ، والهوة بينهما تزداد وتتسع ، حتى صرت ترى من الأمور المعتادة من يقول ولا يعمل ، ويعمل ولا يخلص ، وترى الرجل يصلى وما في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فصار الأمر إلى ما نرى من ضعف وهوان ، فهل لنا من عودة صادقة إلى الله ؟ وهل لنا من تزاوج حميم بين العلم والعمل وبين الإيمان والسلوك؟ أم نظل نحرث في ماء وننفخ في رماد ونصرخ في واد. | |
|