تحية للجميع
باسم الله الرحمان الرحيم
" واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون
وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا و لا تطع
من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فرطا " آية
28 من سورة الكهف.
وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" آية 29 من نفس
السورة.
نقاط أو قوانين مهمة نستخلصها من هذه الآية الكريمة:
1-أن الإنسان اجتماعي بطبعه..أي لا يستطيع إلا أن يعيش مع أخيه
الإنسان وإلا آل إلى الموت..
2-الإنسان في تواصل دائم مع محيطه .
3-أنواع التواصل هي إما صحية وإما مرضية.
4-الإنسان يتأثر بنوعية التواصل وبالمحيط الذي يعيش فيه وخاصة
بالأشخاص الذين يتعايش معهم.
هذه القوانين اتفقت و برهنت عليها جل النظريات الاجتماعية والنفسية
والتواصلية وحتى الأنتربولوجية...
استنادا على كل ما سبق لك الخيار أيها الإنسان..أن تختار مع من تتعايش ومع
أي صحبة تكون وهذا ينطبق عليك وعلى أطفالك..
حسب الآية الكريمة هناك عموما نوعان من الناس :
" الذي يدع ربه بالغداوة والعشي "... من هو ؟ هو الذي من صفاته
الإيمان والتقوى والحلم والعفو والصبر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والعمل والإحسان والكرم والعمق في التعامل مع أحداث الحياة....والرؤيا
المستقبلية الواضحة التي تقتضي أن تأخذ الحياة مأخذ المعبر للآخرة والوسيلة
لها...
و"الذي اتبع هواه " ...وهو بالطبع الذي تقوده شهوات نفسه ، ويفتن
بزينة الدنيا، والذي يرى الأمور بسطحية ، ويجعل من شبابه وماله
ووقته...خالص متعة الحياة والنتيجة غفلة تحيط بالقلب تذهب به إلى أن يكون
أمره فرطا.
أؤكد هنا على بعد عالمية الإنسان من أي جنس كان أو معتقد ...ففي أغلب
الثقافاث تجد أن السعادة الحقيقية للإنسان تأتي حين يتجاوز أهدافا تقتصر
فقط على متعة النفس وهواها إلى أهداف أكثر انسجاما مع فطرته التي خلق عليها
وهي خدمة الخير عموما والآخرين خصوصا.
والأمر هنا واضح ، هناك من الاستراتيجيات المهمة التي تعينك على
الارتقاء بنفسك و الفوز بها :
" اصبر نفسك " قد تميل هذه النفس إلى مصاحبة النوع الثاني من
الناس...فيقول لك عز من قائل : لا.. اصبر نفسك مع الفوج الأول لأن النفس
تتأثر وتعتاد و أغلبنا ي
عرف علميا اشتغال اللاشعور وكيفية اكتساب العادة وتكوين الشخصية...أي اجبر
نفسك على الصبر مع هؤلاء ...وهذا عمل نفسي كبير في تربية النفس وترويضها
وصقلها و" حبسها " في مجتمع أو محيط يخول لها أن تسمو وترتقي إلى أعلى
مستوى من هذه التربية..
" لا تعد عيناك عنهم " : بمعنى أنك إن قررت قرارا وهنا هو ضبط
النفس على مصاحبة النوع الأول ..فقد تأتيك لحظات ابتعاد ...انتبه وغذ هذه
المصاحبة بالعودة دائما لها .
" لا تطع " أن تكون لك القدرة على التمييز بين أنواع الشخصيات وبين
ميولاتها لكي لا تتأثر بأي كان ولا تطع أيا كان.خاصة غافلي القلوب ...
واعلم بأنك أولا وأخيرا صاحب القرار وأنت الذي تختار و"أنت جدير أن تكون
مسئولا" فالإسقاطات لا تفيد ومواجهة النفس أفضل " فمن شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر " ومن شاء فليتبع ومن شاء تخلى...ولكن تحمل نتيجة أمرك.
وإن شاء الله مؤمنون ومسئولون.