وشاح من الكآبة ظلَّل روحي المتمردة في ذلك الليل الطويل ...
حيث أبحث بين ستائر الظلام الحالك عن أشلاء أفكاري الممزقة عبر الصمت ...
عبر سراب الماضي ...
حطمني عويل آهاتي الدفينة ...
وأنا أفتش في تلك القرية الغافية على شط الأحلام ...
عن صدى الحكايات وجلسات السمر تحت العريشة الخاوية الخالية إلا من عبق الماضي
أبحث عن شغب صيف الأساطيح ...
عن ضجيج وصخب الأزقة والزواريب ...
عن أصوات النواطير التي تتهادى مع إشعاعات ضوء القمر وتلألؤ النجوم ...
عن صياح الديك مع نسمات الفجر...
عن عبق الحبق والرياحين وزهر الرمان الممتزجة برائحة خبز التنور في تلك الصباحات
أبحث عن الضباب الذي يولد في رحم الأودية يوزع قطرات الندى التائهة على تيجان الزهور
أبحث عن هديل الحمام تغريد البلابل زقزقة العصافير في البساتين حتى عن نقيق الضفادع عن النسور المحلقة في الفضاء عن نعيق البوم ونعيب الغراب ...
أبحث عن وطء أقدام الفلاحين على الدروب الضيقة إلى تلك الحقول المتألقة بسنابلها الذهبية ...
أبحث عن تأوهات تلك الناي التي تنساب رقيقة عبر الوديان فتذيب الفؤاد ...
عن تموج وتمايل زهور الحقل المتناثرة ترسم لوحة بجميع ألوان الطيف ...
عن البيادر التي تضج بالحياة وتملأ بخيراتها الأهراء ...
أبحث عن قطرات مطر تداعب المزا ريب المهترئة ...
عن ارتعاش السواقي وتنهدات الغدير...
أبحث بين أوراق الخريف التي تتلاعب بها الريح علَّها تحمل ورقة بيضاء أدون عليها عنواناً لأفكاري المشتتة ...
فلم أجد سوى الصقيع يتسلل إلى أطرافي وتتجمد كلماتي بعيداً عنك ضيعتي ...