السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم على الناس إلاّ ما يستطيعون تركه ، ولم يوجب عليهم شيئاً لا يستطيعون فعله ، لذا فإن الشيطان قد يوهم بأنه لا يمكن للمسلم أن يتوب ، ولكن على المسلم أن لا يلتفت لما عند الشيطان وليعلم أن باب التوبة مفتوح .
قال الله تعالى {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم. وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون } الزمر: 53 – 54 . وقال تعالى { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } البقرة : 222 . وقال سبحانه { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده } التوبة 104 .
قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ [[1]]: "باب التوبة دائماً مفتوح يدخل منه كل من استيقظ ضميره وأراد العودة والمآب، لا يصد عنه قاصد ولا يغلق في وجه لاجئ، أياً كان وأياً ما ارتكب من الآثام " ا.هـ
وللتوبة الصادقة شروط ، لا تصح ولا تقبل إلا بها ومنها
: رد المظالم إلى أهلها :
ومن شروط التوبة التي لا تتم إلا بها رد المظالم إلى أهلها، وهذه المظالم إما أن تتعلق بأمور مادية، أو بأمور غير مادية، فإن كانت المظالم مادية كاغتصاب المال فيجب على التائب أن يردها إلى أصحابها إن كانت موجودة، أو أن يتحللها منهم، وإن كانت المظالم غير مادية فيجب على التائب أن يطلب من المظلوم العفو عن ما بدر من ظلمه وأن يعمل على إرضائه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها ، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه "
قال رسول الله
(إن الله يملى للظالم فإذا أخذه لم يفلته) ثم قرأ (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)هود102
و أعظم الظلم الشرك و لذلك هو موجب للخلود في النار ولكننا سنتكلم هنا عن ظلم الأنسان لأخيه الأنسان
...
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم - « مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَىْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» البخاري
قال رسول الله
( أتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)صحيح الجامع
وقال رسول الله
(أتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب)صحيح الجامع
وقال
-صلى الله عليه وسلم- « مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ». الأراك = السواك
وقال رَسُولَ اللَّهِ
-صلى الله عليه وسلم- « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ».قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ ».مسلم
فالظلم عاقبته وخيمه
فإحذر أيها المسلم أن تظلم اخاك المسلم فإن كان غرك طول البقاء وحب الدنيا فإن الموت قادم لا محالة شئت أم أبيت
..
ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وإن كان كافر فلذلك الظالم أقرب ان يختم له بسوء الخاتمة
...(نعوذ بالله من الظلم ومن سوء الخاتمة)
وإذا أراد الإنسان أن يتوب من ظلم شخص ما
فواجب عليه رد مظلمته إن قدر على ذلك حتى ولو كان في سكرات الموت
..
وإن لم تقدر على رد المظلمة
لو كانت مال قال العلماء
(يجوز ان تتصدق بها عن الشخص المظلوم ولا تأخذ عليها أي أجر)
وإن كان غير ذلك ولم تستطيع رد المظالم فأكثر من الدعاء لمن ظلمته فإذا رأى ذلك منك يوم القيامة ربما عفا عنك
..ولكن الأولى رد المظالم وإستسماح أهلها...
لأنه فى يوم القيامة لا درهم ولا دينار فالحساب يكون بالحسنات و السيئات
..
فماذا يفعل المفلسون من الحسنات المحملون بالسيئات أمثالنا في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
...
إذا جاء هذا الذي سببته و قال لك مائة حسنه ثمن الشتيمة
وجاء الذي سرقت منه جنيها أو ريالا فيقول لك هات
100 حسنه
وجاء الذي إغتبته وقطعت لحمه في غيابه أو استمعت إلى من يغتابه وسكتت وقال لك 500 حسنة ثمن الوقوع في فى غيبتي
وجاء الذي ضربته فيقول لك هات 1000 حسنه ثمن ضربى ودمي الذي نزف و كرامتي التي ضاعت....
وجاء الذي إئتمنك وخنته فيقول لك عشرة ألاف
وجاء هذا وجاء ذاك إلى أن تقول فنيت حسناتي ليس معى حسنات إتركوني
..
فيقول لك أولهم فخذ مني عشر سيئات والثاني يقول خذ مني ألف و الثالث يعطيك عشرة آلاف و
....إلى أن تكب على وجهك في النار بسيئاتك وليس معك حسنه تشفع لك عند الله....
فيا عبد الله إياك والظلم
والحمد لله أولا وأخرا ظاهرا وباطنا
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك واتوب إليك