الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للهدى, و نكت في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدا, و اشهد أنَّ لا اله إلا الله إلها أحدا فردا صمدا , ما اتخذ صاحبة و لا و لدا, و اشهد أنَّ محمَّدا عبده و رسوله ما أعظمه عبدا و سيدا, و ما أكرمه أصلا و محتدا, و ما أطهره مضجعا و مولدا, و ما ابهره صدرا و موردا ,و أصلي و اسلم عليه و على اله و صحبه غيوث النَّدى, و ليوث العدى, صلاة و سلاما دائمين من اليوم إلى أن يبعث النَّاس غدا و بعد.
فنظرا لانتشار البدع في الجنائز, و كثرة الأخطاء في الصلاة على الميت و اختلاط الحابل بالنابل .اد دخلت العادات في العبادات و تعبَّد النَّاس خالقهم بما لم يثبت عن الرسول صلوات ربي و سلامه عليه .رأيت أن انقل لكم كيفية صلاة الجنازة من صحيح سنة البشير النذير, و الآثار المروية عن السراج المزهر المنير, عليه أزكى الصلاة و أفضل التسليم.
إنَّ الطقوس التي اعتاد العامة تكرارها في كل جنازة هي أمور محدثة في ديننا لا أصل لها لا في الكتاب و لا في السنة و لدلك يجب علينا أن نذعن للحق اذا وصلنا بالدليل ونعتني بتنقية الصحيح من الضعيف.قال تعالى"و ادا تنازعتم في شئ فردوه إلى الله و الرسول" و قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله- في معنى هده الآية(فادا كان الله سبحانه و تعالى قد اوجب علينا أن نردَّ ما تنازعنا فيه إلى الله-أي كتاب الله- و إلى الرسول صلى الله عليه و سلم- أي سنَّته -علمنا قطعا أنَّ من ردَّ إلى الكتاب و السنة ما تنازع الناس فيه و جد فيهما ما يفصل النزاع) الدّرر.
كما أنَّ المبتدع المخالف لهدي سيد وخير الأنام, محمد عليه الصلاة و السلام , يكون عمله باطلا مردودا عليه فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من احدث في أمرنا هدا ما ليس منه فهو رد"متفق عليه ,وفي رواية "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ" رواه مسلم
وقد نقلت من الملخَّص الفقهي للشيخ صالح الفوزان-حفظه الله- بعض الأحكام التي تخص كيفية صلاة الجنازة و نبدأ على بركة الله بدعاء دخول المقبرة "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين و المسلمين وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون نسال الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم
وللجنازة فضل عظيم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط و من شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل: و ما القيراطان قال :مثل الجبلين العظيمين" متفق عليه
وحكمها فرض كفاية ادا فعلها البعض سقط الإثم عن الباقين وتبقى في حق الباقين سنَّة و إن تركها الكل أثموا . وشروطها النّية و استقبال القبلة و ستر العورة و طهارة المصلي و المصلى عليه و اجتناب النَّجاسة و إسلام المصلي و المصلى عليه و حضور الجنازة إن كانت بالبلد و كون المصلي مكلَّفا . و أركانها القيام فيها و التكبيرات الاربع و قراءة الفاتحة و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم و الدعاء للميت و الترتيب و التسليم. و سننها رفع اليدين مع كل تكبيرة و الاستعادة قبل القراءة و أن يدعو لنفسه و للمسلمين و الإسراء بالقراءة و أن يقف بعد التكبيرة الرابعة و قبل التسليم قليلا و أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره و الالتفات على يمينه في التسليم .
صفتها يقوم الإمام والمنفرد عند صدر الرجل ووسط المراة و يقف المأمومون خلفه ويسن جعلهم ثلاثة صفوف ثم يكبر للإحرام ويتعود بعد التكبيرة مباشرة فلا يستفتح و يسمي ويقرا الفاتحة ثم يكبر و يصلي بعدها على النبي صلى الله عليه و سلم مثل الصلاة عليه في تشهد الصلاة ثم يكبر و يدعو للميت بما ورد ومنه " اللهم اغفر لحيناو ميتنا و شاهدنا و غائبنا و صغيرنا و كبيرنا و ذكرنا و أنثانا اللهم من أحييته منَّا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منَّا فتوفه على الإيمان اللهم لا تحرمنا أجره و لا تضلنا بعده." رواه بن ماجة-أحكام الجنائز للألباني-
" اللهم اغفر له و ارحمه و عافه و اعف عنه و أكرم نزله ووسع مدخله و اغسله بالماء و الثلج و البرد و نقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس و أبدله دارا خيرا من داره و أهلا خيرا من أهله و زوجا خيرا من زوجه و ادخله الجنة و أعده من عذاب القبر ومن عذاب النار " رواه مسلم - أحكام الجنائز للألباني- .
وان كان المصلى عليه أنثى-بتأنيث الضمير في الدعاء كله – و إن كان المصلى عليه صغيرا قال " اللهم اجعله ذخرا لوالديه و فرطا و أجرا و شفيعا مجابا, واللهم ثقّل به موازينهما وأعظم به أجورهما و ألحقه بصالح سلف المؤمنين و اجعله في كفاية إبراهيم و قه عذاب الجحيم, ثم يكبر و يقف بعدها قليلا ثم يسلم تسليمة واحدة سرا – ومن فاتته بعض الصلاة على الجنازة دخل مع الإمام فيما بقي ثم ادا سلم الإمام قضي ما فاته على صفته و إن خشي أن ترفع الجنازة تابع التكبيرات (أي بدون فصل بينها) ثم سلم. ومن فاته الصلاة على الميت قبل دفنه صلى على قبره. ومن كان غائبا عن البلد الذي فيه الميت وعلم بوفاته فله ان يصلي عليه صلاة الغائب بالنية . وحمل المرأة ادا سقط ميتا وقد تم له أربعة أشهر فأكثر صلى عليه صلا الجنازة و إن كان دون أربعة أشهر لم يصلَّ عليه و الله اعلم و صلى الله على نبينا محمد و اله و صحبه و سلم . انتهى كلامه .
وقد نبه شيخنا محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله وغفر له و لجميع علمائنا و أئمتنا الربانيين الأحياء منهم و الأموات- على بعض
مخالفات الجنائز التي يقع فيها كثير من النَّاس منها
تأخير تغسيل الميت وتكفينه و الصلاة عليه لغير مبرر
قراءة سورة يس و الفاتحة على الميت(و قد سمعت شيخنا المحدث أبا إسحاق الحويني- حفظه الله و شفاه – يقول إنَّ أقوى حديث في فضل سورة يس ضعيف)
التعازي عن طريق الجرائد و المجلات و الرد عليها بالشكر من قبل أهل الميت
رفع الأصوات و كثرة الكلام عند الدفن
المرور بين القبور بالنعال إلا عند الحاجة
ظنَّ بعض الناس أنَّ التعزية لا تكون إلا بعد الدفن و لمدة ثلاثة أيام
-انتهى كلامه-
قال شيخنا الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز " لا تحد التَّعزية بثلاثة أيام لا يتجاوزها بل متى رأى الفائدة في التعزية أتى بها فقد ثبت عنه صلى الله عنه انه عزى بعد الثلاث في حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه " وهدا الحديث "لا عزاء بعد ثلاث" لايصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك لا أصل له لا في الصحاح و لا في المسانيد و لا في كتب السنن و لا في المستدرك
ولله درّ القائل :
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت *** أنَّ السلامة ترك ما فيها
لا دار بعد الموت يسكنها*** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فان بناها بخير طاب مسكنه*** و إن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لدي الميراث نجمعها*** ودورنا لخراب الدَّهر نبنيها
وكم من مدائن في الآفاق قد بنيت*** أمست خرابا و أفنى الموت بانيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة*** حتى سقاها بكاس الموت ساقيها
فاعتبري امة الله و اعتبر يا عبد الله وهيئ الزَّاد و إنَّ خير الزَّاد التَّقوى وقد قال شيخنا بن القيم رحمه الله "للعبد رب هو ملاقيه و بيت هو ساكنه فينبغي أن يسترضي ربه قبل لقائه و يعمّر بيته قبل انتقاله إليه " واعدّي اخيتي ليوم لا يؤجَّل انَّه هادم اللَّدات ***موعد الرَّحيل من دار الاختبار إلى دار القرار***إماَّ إلى نعيم أو إلى بوار-و العياذ بالله- ونسال الله الكريم بمنّه و عطائه أن لا نكون ممَّن "حتى ادا جاءهم الموت قال ربّ ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا إنَّها كلمة هي قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون" المؤمنون (الآية تسع و تسعين- مائة)
فما كان من صواب فمن الله وحده ابتداء و انتهاء, و أوَّلا و آخرا, وما كان من سهو أو نسيان أو خطا فمني ومن الشيطان, و أعود بالله أن أكون جسرا تعبرون عليه إلى الجنَّة ثم يلقى به في جهنَّم, ثم أعود بالله أن ادكركم به و أنساه,و استغفر الله و أتوب إليه و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و حسبنا الله و نعم الوكيل و صلى الله على نبينا محمد و اله و صحبه و سلم
فيا خير غفَّار و يا خير راحم و يا خير مأمول جدا و تفضّلا
اقل عثرتي وانفع بها و بقصدها حنانيك يا الله يا رافع العلا
وآخر دعوانا بتوفيق ربّنا أن الحمد لله الذي وحده علا
وبعد صلاة الله ثم سلامه على سيّد الخلق الرّضا متنخّلا
محمد المختار للمجد كعبة صلاة تباري الريح مسكا و مندلا
ويسدي على أصحابه نفحاتها بغير تناه زرنبا وقرنفلا