ما هي شروط لباس الرجل، وأي لباسٍ من الألبسة الشائعة -اليوم- تنطبق عليها هذه الشروط؟
الشيخ:
ليس للمسلمين في مختلف بلادهم أن يلتزموا لباسًا معيِّنًا، وزيًّا خاصًا يفرضه الإسلام عليهم؛ وإنما لكل شعب أن يلبس ما شاء؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: ((كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا جَاوَزَكَ سَرَفٌ وَمَخِيلَةٌ)) .*
إلا أنَّ الإسلام وضع للباس المسلمين بعض القيود والشروط، بعد أن أفسح لهم المجال أن يلبسوا من حيث الزي والشكل ما شاءوا، وضع لهم قيودًا؛ فرض عليهم أن يلتزموها.
فمن ذلك -مثلاً-:
- فرض عليهم أن لا يُشابِه لباسهم لباس الكفار؛ فالبس ما شئت؛ ولكن اجتنب ما تشابه في لباسك الكفار. هذا شرطٌ.
- شرطٌ ثانٍ: أن لا تطيل ثوبك إلى ما دون الكعبين، مهما كان هذا الثوب، أي نوع كان: قميصًا، عباءةً، بنطالاً، أو أي لباس تعرفون اسمه؛ فلا يجوز أن يكون بالنسبة للرجال طويلاً دون الكعبين؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((مَا جَاوَزَ الْكَعْبَيْنِ)) أو ((مَا أَسْفَلَ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِيِ النَّارِ)).
مثل هذا القيد الأول؛ وهو عدم مشابهة الكفار في اللباس، والقيد الثاني ألا يكون طويلاً دون الكعبين.
والقيد الثالث:
هو الذي سبق ذكره في حديث: ((كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا جَاوَزَكَ سَرَفٌ وَمَخِيلَةٌ))؛ أي: لا تسرف في لباسك، ولا تختال فيه؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ -عّزَّ وَجَلَّ- إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
فإذن الجواب واضح: يلبس كل شعب ما يحلو له من اللباس؛ لكن بشرط أن يتجنب هذه المخالفات: التَّشبه بالكفار، إطالة الثوب، الإسراف فيه، والخُيلاء فيه. هذا هو الجواب.
مداخلة من بعض الحاضرين.
الشيخ:
آه! هنا بعض إخواننا يُذكِّر.
وهذا طبعًا، هناك شروط أخرى كنت جمعتها في كتابي: (حجاب المرأة المسلمة) الذي يُطبع الآن بعنوان: (جلباب المرأة المسلمة) فيُشترط في الثوب الخاص بعضها في النِّساء، وبعضها في الرِّجال أيضًا. فما هي الشروط؟
منها: ألا يكون الثوب محجِّمًا للعورة؛ عورة المرأة -طبعًا- أوسع من عورة الرجل.
ألا يكون محجِّمًا؛ فالبنطال مثلاً: لا يجوز لبسه من ناحيتين: الناحية الأولى: لأنه من لباس الكفار، والنَّاحية الأخرى: أنَّه يُحجِّم الفخذين، والأليتين؛ بل وما بينهما -مع الأسف الشديد-. فهذا لباس يُخالف -أيضًا- الشَّرع.
وبالأولى، والأولى أن يشفَّ عن العورة، أن لا يكشف عما دونها، هذه الثياب الشفافة كأنها تزيد العورة فتنة؛ ولذلك قال عليه السلام في الحديث المعروف: ((صنفان من الناس لم أرهما بعد: رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلاتٌ مُمِيلاتٌ..)) إلى آخر الحديث.
((كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ)) هنَّ كاسيات؛ يعني: لابسات؛ لكنهن عاريات؛ لأنهن يلبسن الثياب الشفافة؛ فهذا أيضًا مما لا يجوز.
( تفريغ من شريط لا تجتمع أمتي على ضلالة للمحدث العلامة الالباني رحمه الله.
الموافق للشريط رقم تسعة و تسعين بعد المائة الرابعة 499
من سلسلة الهدى و النور.)
----------------------------------------------------------------
* جَاء في صَحِيحِ البُخَارِيِّ؛ بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ﴾.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ))، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "كُلْ مَا شِئْتَ، وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ".