التوكل,,, وراحة النفس .

بسم الله الرحمن الرحيم .

يعتبر التوكل عبادة من افضل العبادات للقلوب , وخلق من اعظم اخلاق الأيمان

وهو كما قال ابن القيم " التوكل " نصف الدين , النصف الأخر " الأنابة " كما

اشار الله بقوله " عليه توكلت واليه انيب "

وكل انسان محتاج للتوكل وخاصة السالك لطريق الله , وقد قال الامام القرضاوي

" ان حاجة الأنسان الى التوكل حاجة شديدة , وخاصة في قضية الرزق الذي شغل

قلوب الناس وعقولهم واورث كثيرا منهم بل وأكثرهم تعب البدن وهم النفس , وارق

الليل , وعناء النهار .

بل نجد من يذل نفسه ويحني رأسه ويبذل كرمته من اجل لقمة العيش التي يحسبها انها

في يد مخلوق مثله ان شاء اعطاه وان شاء منعه .

بل المشكل والعجيب من ذاك ان يفني الواحد عمره بأكل السحت , واخذ الرشوة , واستباح

الربا , خوفا على نفسه اذا شاخ بعد الشباب او مرض بعد الصحة , او تعطل بعد العمل ,

او خشية على ذرية من بعده بدعوى تأمين مستقبلهم ,

وقد قال بن المبارك " من اكل فلسا من حرام فليس بمتوكل "

ومن ثمار التوكل : 1 يدل على الأيمان . " وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مومنين "

والمعلق بشرط كما هو معلوم ينتفي بانتفائه . فإن انتفى التوكل انتفى الأيمان .

2 سكينة النفس : وطمأنينة القلب , التي يشعر بها المتوكل على ربه هي اهم الثمار حيث

يحث بها تملأ اقطار نفسه , فلا يحس الا الأمن اذا خاف الناس , والسكون اذا اضطرب

الناس , واليقين اذا شك الناس , والثبا اذا قلق الناس والأمل اذا يئس الناس , والرضا

اذا سخط الناس , وهذا مضمون يجمع كل خصائص السعادة .

3 القوة من هذه الثمار : القوة التي يحس بها المتوكل على الله وهي قوة نفسية روحية

تصغر امامها القوة المادية , قوة السلاح , وقوة المال , وقوة الرجال .

4 العزة من ثمار التوكل : وهي يحس بها المتوكل فترفعه مكانا عليا وتمنحه ملكا كبيرا

من غير تاج ولاعرش " وتوكل على العزيز الرحيم " فهو عزيز من غير عشيرة , غني

من دون مال , ملك بغير جنود ولا اتباع .

5 الرضا : وهو ثمرة ايضا والذي ينشرح به الصدر ويفسح له القلب , قال بعضهم

" متى رضيت بالله وكيلا , وجدت لكل خير سبيلا "

6 الأمل من ثمرات التوكل : الأمل بالفوز بالمطلوب , والنجاة من المكروه , وانقشاع

الغمة , وانفراج الكربة ,

فالمتوكل على لله لا يعرف القنوط لفلبه سبيلا ولا يغلبه اليأس , لأنه استمد ذاك من كلام

ربه بأن القنوط من لوازم الضلال , واليأس من توابع الكفار " ومن يقنط من رحمة ربه

الا الضالون "

فهو يعلم ان الملك بيد خلقه ومدبر امره يفعل ما يشاء , ان شاء اغنى الفقير , وان شاء

افقر الغني , وقوى الضعيف , ووووو وبالتالي نعرف ان التوكل يزيد من الأمل بالله وهو

عكس القنوط والأحباط والذي هو من مظاهر المرض النفسي وخاصة الأكتئاب .

7 ضمان الرزق من ثمار التوكل : " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير

تغدو خماصا , وتروح بطانا " وهذا ثمرة مهمة من ثمار التوكل وعلاج قوي لما يعاني الخوف

والقلق من الرزق والغد .

8 الهداية والكفاية من ثمار التوكل : قال تعالى " ومن يتوكل على الله فهو حسبه "

يقول عليه الصلاة والسلام لابن عباس ذات يوم " ياغلام اني اعلمك كلمات احفظ الله

يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , وذا سألت فسأل الله , واذا استعنت فاستعن بالله , واعلم

ان الأمة لو اجتمعوا على ان ينفعوك لم ينفعوك الا بشيئ كتبه الله لك , ولو اجتمعوا على

ان يضروك لم يضروك الا بشيئ قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " .

فهل حفظنا الله في نفسنا واعمالنا , وهل اذا سألنا سألنا الله واطرقنا بابه وحده , واذا

استعنا هل استعنا بالله ؟ , فإن كانت الأجابة نعم فلنعلم ان الله يحفظنا ويحمينا ويكفينا

من كل سوء ...

فمن توكل على الله وحفظ الله لا يخاف من شيئ ما دام يأخذ بالأسباب ويعمل صالحا

فلا يخاف من ذي سلطان ولا ذي جاه ولا من بشر ...فمن سلك هذا الطريق عليه ان يدرك

انه سلك طريقا لاخوف فيه من احد لأنه لاضار ولانافع ولامعطي ولامانع الا بإذن الله .

فاللجوء الى الله يمنحنا السكينة وهذا ينتج من اعتماد القلب على الله واستناده اليه وسكونه

اليه , بحيث لايبقى فيه اضطراب من تشويش الأسباب ولا السكون اليها بل يخلع السكون

من قلبه ويلبسه السكون الى مسببها .

وعلامة ذالك انه لايبالي بأقبالها وادبارها , ولايضرب قلبه , ويخفق عن ادبار ما يحب منها

واقبال مايكره , لأن اعتماد على الله وسكونه اليه , واستناده اليه , وقد حصنه من خوفها

ورجائها ,

ومثال ذالك الطفل الرضيع في اعتماده وسكونه وطمأنينته بثدي امه لايعرف غيره , وليس

في قلبه التفاف لغيره , كما قال احد العارفين : المتوكل كالطفل ’ لايعرف شيئا يأوى اليه الا

ثدي امه , ككذالك المتوكل لايأوى الا الى ربه تعالى ,,