بسم الله و الحمد لله و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و سلم
اللهم اغفر الزلة و أقل العثرة و اقبل العمل و اجعله خالصا لوجهك
من دخل موضوعي فأراد أن ينتقد و يبرهن بدليل واضح فمرحبا و من أراد السب و شفاء الغليل فلا مكان له هنا.
1. نحن السلفيون ندعي أننا أصحاب منهج ، و ذلك في التأصيل النظري و لكن عند الواقع العملي فالأمر قد يختلف ، فمثلا :
أ- نقول نحن نتبع الدليل و إن خالفنا الأشخاص و الواقع : أن جل المنتسبين للدعوة لا يفقه مراتب الأدله ، و أنه يستمع لكلام شيخه على أنه أدله و لأدلة المخالف على أنها شبهات ، و يكرر و يقول أنا سلفي أتبع منهج السلف و لا اتعصب لأحد بل منهجي الدليل فإذا جاء الواقع اكتفى عن السؤال عن مذهب الشيخ فلان في المسألة أو المدرسة الفلانية ، و كان أحرى به أن يجمع و يدرس ليتسع أفقه و يدرك الخلاف و يحرر الحق فيكون سلفيا بحق.
ب- السلفية انقسمت واقعيا إلى مدرستين : مدرسة السلفية الأكاديمية و مدرسة السلفية البطولية .
و تحت كل قسم مما ذكرت أشخاص من مختلف التيارات الإسلامية على الساحة .
أما المدرسة الأولى فتعتني بالعلم و الدروس و المتون و هذه فضيلة بلا أدنى شك و لكن آفة بعض المنتسبين أنك تراهم قد اشبعوا تدينهم بذلك و لا يرون سبقا في التمتع ببطولة الإسلام فتاريخ سيد قطب تلغيه أخطاء موجوده أو مزعومه و بطولة بعض الإسلاميين في الدفاع عن الحرمات يلغيه شائعات صحيحة أو ضعيفة عن أخطاء عندهم و هكذا يرى الأخ نفسه بحضوره الدرس أفضل من العالمين و قد يكون من هؤلاء المفضولين عنده من بذل دمه و روحه و ماله و عمره في نصرة الدين .
و قد رأينا من تلك المدرسة عجبا فبعض غلاتهم يوالي الطغاة ضد إخوته المستضعفين فلا يتورع أن يبلغ عن كل أخ يحفظ قرآن في المسجد أو حضر الاعتكاف أو نحو ذلك و غير الغلاه كما أسلفنا يرون أن حضورهم الدرس و اتباعهم الشيخ هو ذروة سنام الإسلام و لا يرون في أخلاق الإسلام البطولية فخرا و لا أملا يسعون إليه إلا لو كان ذلك البطل منهم فبالطبع سيمدحونه و يطرونه ليبرهنوا على صحة منهجهم و أفضليتهم على العالمين.
أما السلفية البطولية فهي منهج أيضا يحمله أفراد من كل التيارات يرون أن الغبار الذي في أقدام من يصونون الحرمات خير من محاضرات طويله و متون كثيره ، هم يحضرون الدروس كأقرانهم لكنهم يرون أن بطولة الإسلام في الفعل لا في الدرس.
ينظرون إلى أصحاب النبي محمد صلى الله عليه و سلم و كان يفوت أحدهم الحديث و كانوا أميين و أقلهم من جمع القرآن لكنهم كان عندهم بطولة الإسلام و أخلاق الإسلام فما سبقهم أبو بكر و لا عمر رضي الله عنهما بالعبادة أو العلم و لكن بإيمان راسخ جعل نفسه تهون عليه في الله .
فهنا الفيصل : هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم علماء أكاديميين أم أبطال صادقين ، تذكروا موقف أبي بكر يوم الردة و موقفه يوم تبوك و موقف عمر يوم أسلم و هكذا.
رتب هؤلاء الرجال لتعلم من أصحاب السبق في الأمة : أبو هريرة - راوية الإسلام - ، ابن مسعود -حبر الأمة -، أبو بكر الصديق ، عمر بن الخطاب.
ت- الحجر الفكري و الإرهاب الفكري أصبح يشغل مساحة واسعة عندنا و تصنيف المخالف يتم بسهولة و يتبع ذلك عزله و اضطهاده و قد يكون التصنيف لأغراض شخصية و مخالفا للواقع و قد حدث معي ذلك ، بل إن التحذير من قراءة كتب لقامات كبيره مثل سيد قطب – و هذا رجل قل أن يجود بمثله الزمان علما و عملا و صبرا و جهادا – موجود و مشاهد و إن كان هناك أخطاء في كتبه – إن صح ذلك – فمن كان منا لا يخطيء فليرمه بحجر ، و كتب كبار علماء السنة كابن جحر و النووي و القرطبي و غيرهم فيها أخطاء العقيدة فهل نحذر منها ، و هل هناك قامة فكرية ناظرت سيد قطب في الواقعية الفكرية للحركة الإسلامية و في إسقاط الآيات على الواقع حتى إننا لنقرأ بعض آيات التفسير عنده فكأنها أنزلت فينا – هذا مجاز حتى لا أتهم بشيء أنا بريء منه- .
و حادثة وصف فلان أنه ليس بسلفي و كذا قناة الحكمة وغيرها أنها لا تمثل الصوت السلفي و لا الإسلامي يعكس بوضوح مرادي ، فيا ترى من السلفي ، و من يملك هذا الحكم؟ قد تعلمنا أن السلفية اتباع الدليل و السلف الصالح ، و الآن هناك من يقول إن مخالفة في الرأي السياسي فضلا عن الشرعي تخرج من دائرة السلفية ولا تنتمي لتلك المدرسة المشهورة و الجواب : فهذا دليل أن تلك المدرسة أصبحت تتميز بشيء تتجمع عليه ليس هو المنهج الذي تعلنه لأتباعها فقط فلم تعد السلفيه اتباع و دليل بل هناك زيادة على ذلك قد لا يقرها من يعلمها من الأتباع.
ث- الفرق بين المنهج السلفي و غيره أن المنهج السلفي لا يقر حركه و لا سكنه إلا بدليل و يؤمن أن لله حكما في كل حادثه – حتى و لو كان هذا الحكم هو جواز أكل الميتة أو شرب الخمر في أحوال معينة – لذلك ينقم السلفيون على باقي الإسلاميين الذين يهدمون المنهج لتحصيل أغراض سياسية أو نحوها ، لأننا نؤمن أننا يجب أن نتحرك وفقا للشرع و أن نصرة الشرع لا تجيء بهدمه من الأساس .
و لكن : المنهج السلفي يضع لنا إطارا مقبولا للخلاف و تعدد وجهات النظر في المسائل الشرعية ، و المذموم في الأصول الفقهية للاجتهاد هو مخالفة الإجماع القطعي ، فكيف يتحول مخالفة جمهور العلماء فضلا عن بعضهم – و الحق أن أغلبهم يتبع أفرادا و يقلدهم فالمخالفة للبعض و ليس للجمهور- في مسألة سياسية و ليست شرعية ، شذوذا و انفرادا و تهورا ، أي أصول فقه جاؤا منها بهذا الحكم ، و أصاغر الطلبة لا يزالوا يخطئون جمهور العلماء في مسائل شرعية اجتهادية ، فليخبرني أحد كيف تعد المخالفة للرأي السياسي خروج على العلماء و شذوذ.