سارة سوسو Admin
عدد المساهمات : 3024 17837 السٌّمعَة : 100 تاريخ التسجيل : 01/01/2011 العمر : 35
| موضوع: من اداب التعامل مع الحبيب المصطفي الجمعة مايو 03, 2013 4:01 am | |
| قد كانت الأرض قبل بعثة النبي صلى الله علي وسلم خليطاً من الشرك والجهل, وحياةً مليئةً
بالخوف والرعب, يتعامل الناس كوحوش الغاب التي تبحث عن فريسة فإذا رأتها انقضت عليها دون
رحمةٍ أو رأفة .
وقد خيّم الجهل بين فئات ذلك المجتمع وضرب بينهم بأطنابه, فباتوا يتخبَّطون في ظلمات الشرك؛
ويتساقطون في الهوة تلو الهوة, يتلمّسون سبيل النجاة ولكن لا نجاة .
فلما أن أراد الله بهم خيراً بعث نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً,
فكان مبعثه رحمة للعالمين؛ فأشرقت الأرض بعد إظلامها؛ ولبست ثوب الأنس والسرور, وصار مَن
اتبعه آنس الناس قلباً وأشرحهم صدراً, وأسعدهم عيشاً؛ قال الله تعالى:
( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) .
وقد كان صلى الله عليه وسلم ناصحاً لأمته؛ رحيماً بهم؛ حريصاً على تعليمهم ما ينفعهم, شفيقاً
عليهم, ما ترك طريق خير إلا دلّهم عليه ولا طريق شر إلا حذرهم منه .
هذا وإن حقوقَ النبي صلى الله عليه وسلم على أمته كثيرةٌ لا يكاد يحصيها عادٌ, ولا يستطيع
وصفَها واصف, ولكنْ حسبُنا أن نشير إلى ذلك إشارات تدل على ما بعدها؛ ونذكر أهمَّ ما يجب أن
يُتَّصف به من الأدب نحو النبي صلى الله عليه وسلم .
فمن أعظم الآداب
التي يجب أن يتصف بها المسلم نحو نبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم أن يستشعر محبته, لأن
محبة النبي صلى الله عليه وسلم أصلٌ عظيمٌ من أصول الدين, ولا إيمان لمن لم يكن النبي صلى
الله عليه وسلم أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين؛ قال صلى الله عليه وسلم :
« لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين » .
وقد قال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله, لأنت أحبُّ إليَّ من كل شيء إلا نفسي. فقال صلى الله
عليه وسلم : « لا والذي نفسي بيده؛ حتى أكون أحبَّ إليك من نفسك؛ , "]فقال عمر: فإنه الآن واللهِ
لأنت أحبّ إليَّ من نفسي, فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر» أي: الآن عرفتَ
فنطقت بما يجب .
من أجل ذلك فقد ضرب الصحابة أروع الأمثلة في محبة النبي صلى الله عليه وسلم لِما رأوه من
عظيم نعمة الله عليهم بأن بعثه لهم ومَن بعدهم رحمةً ورأفة .
و من الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم تصديقه فيما أخبر به, قال ابن القيم رحمه الله: فرأس
الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم كمالُ التسليمِ له والانقيادِ لأمره وتلقي خبرِه بالقبول
والتصديق .
وهذا من أصول الإيمان وركائزه الدينية, والكفرُ اتهامه وتكذيبه فيما أخبر, قال تعالى:
( والنجم إذا هوى* ما ضل صاحبكم وما غوى* وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى ) .
كما أن من الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم طاعته فيما أمر به, وقد جاء أمر الله سبحانه
وتعالى في وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في آيات كثيرة منها قوله تعالى:
( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ) .
و من الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم التأدب عند ذكره, فلا يُذكَر اسمه مجرداً بل يُقرَن بالصلاة
والسلام عليه؛ سواء كان لفظاً أو كتابة,قال صلى الله عليه وسلم
« رغم أنف امرئٍ ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ »,
وقال صلى الله عليه وسلم : «البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ » ؛
وفي هذا إطلاق صفة الذم والدعاء على من لم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم حين يذكر,
ومِن هنا ندرك الخطأ الذي يفعله بعض الكتاب حين يذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم فيكتب
بعده (ص) أو (صلعم)؛
وهو قَصَد بذلك اختصارَ لفظ الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإن مثل هذا الفعل
يُعدُّ نوعاً من الجفاء
. كما أن ترك الصلاة عليه على ما ورد فيها من الذم, فإن تاركها كذلك قد فاته الأجر المترتب على ذكرها, والذي دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:
« من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً » .
و من الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم توقير سنَّتِه وما جاء عنه من السنن والأخبار, وأعظمُ
دلائل ذلك التحاكم إلى سنته صلى الله عليه وسلم فإن ذلك من أصول الاتباع, ولا إيمان لمن لم
يتحاكم إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأعرض عن هديه, قال الله تعالى:
( فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت
ويسلموا تسليما ) .
قال ابن القيم رحمه الله:
« فكل من خرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته؛ فقد أقسم الله بنفسه
المقدسة أنه لا يؤمن حتى يرضى بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع ما شجر
بينهم من أمور الدين أو الدنيا, وحتى لا يبقى في قلوبهم حرج من حكمه » .
ومن دلائل توقيره صلى الله عليه وسلم توقير سنته حين التحدث بها, وقد ضرب السلفُ في ذلك
أجمل الأمثلة وأروعها
فيما جاء عنهم من تعظيم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيرِ حديثه, قال عمرو بن ميمون:
اختلفت إلى ابن مسعود سنة, فما سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه حدّث
يوماً فجرى على لسانه: قال رسولالله صلى الله عليه وسلم ؛ فنظرت إليه وقد حل إزاره وانتفخت
أوداجه, واغرورقت عيناه, فقال: أو نحو ذلك؛ أو دون؛ أو قريباً من ذلك . | |
|