تقول الأسطورة الإغريقية إن ( بروسيوس ) البطلالمغوار كان واحداً من هؤلاء الأبطال الذين تزخر بهم الأساطير الإغريقية ، شديدالوسامة ، شديد البأس .. وهو كالعادة ابن زيوس من امرأة بشرية ..
وعلى حين كان أخوته من الأب يمارسون أعمالهم ( هرقل ) مشغول بقتل الهيدرا .. و(أطلس) منهمك في رفع الكرة الأرضية .. و (برومثيوس ) معلق بين الجبال يتلقى عقابه الأبدي .. و(جاسون ) يبحث عن الفروة الذهبية .. كانت هناك مهمة أكثر تعقيداً تنتظر ( بروسيوس ) ..
كانت ( كاسيوبيا ) الحسناء المغرورة قد بالغت في غرورهاووقاحتها إلى درجة أثارت حنق سادة (الأوليمب ). لهذا سلطوا على جزيرتها الفيضانات والزلازل ..
ثم جاءت الطامة الكبرى حين أرسلوا للجزيرة تنيناً مرعباً اسمه ( الكراكون ) ،
وكان هذا التنين يطلب – كالعادة – أن يقدموا له قرابين بشريه وإلاأغرق الجزيرة بما عليها ..
وهكذا وجدت ( كاسيوبيا ) نفسها مرغمة على تقديمابنتها الجميلة ( أندروميدا ) لإشباع شهية التنين الشره .. وهكذا كانت أندروميداالضحية القادمة ما لم يحدث شيء ما ..
وفي هذه اللحظة يصل( بروسيوس ) إلىالجزيرة .. يقع في حب الفتاة المختارة كقربان .. ويصمم على قتل الوحش لإنقاذ فتاته .. ولكن كيف ؟!
هناك طريقة واحدة فقط .. أفظع من التنين نفسه .. إنه رأسميدوسا .. !
إن ( ميدوسا ) وأختيها هن أشنع من ذكر في الأساطير اليونانية منمخلوقات ، ويسمونهم ( الجرجونات الثلاث ) لقد كانت ميدوسا وأختاها فتيات طبيعياتجداً .. حتى غضب عليهن ( زيوس ) فأحالهن إلى ..
أولاً : تحولت الأيدي إلى نحاس ..
ثانياً : إزددنبشاعة وصار لساهن مشقوق كلسان الأفاعي ..
ثالثاُ : تحول شعرهن إلى ثعابين ذاتفحيح .. ولدغتها قاتلة ..
رابعاً : وهو أسوء ما في الأمر .. صارت نظرتهنكافية لأن تحول من تلتقي عيناه بأعينهن إلى حجر ..!
خامساً : نفين إلى جزيرةفي البحر المتوسط لم تحددها الأسطورة حيث يعشن في الكهوف .وسط عشرات من التماثيلالحجرية لأولئك البحارة التعساء الذين ألقى بهم حظهم العاثر على شاطيء تلك الجزيرة ..
إنه عقاب قاسٍ ولكنه ليس أسوء عقاب في الأساطير الإغريقية ..
والآن .. على ( بروسيوس ) أن يقطع رأس ميدوسا !!
ولكن كيف ؟ كيفيمكن مواجهة مخلوق بهذه الصفات ؟ دعك من السؤال الأهم .. كيف تقتل مخلوقاً من دونأن تراه؟!
لكن بروسيوس مثله مثل هرقل وثيذيوس .. بطل إغريقي أصيل .. يبحث عنالمتاعب أينما وجدت .. ويحمل قدره على كفه ولا يملك الاختيار .. لهذا يروق كثيراًلسادة الأوليمب .. ولهذا تلقى زيارة من هرمز .. يحمل له بعض الهدايا .. الخوذة التي تخفي من يرتديها .. والسيف الذي لا يضرب إلا ويصيب هدفه .. ثم الدرع البراق الشبيه بالمرآة ..
وينطلق برسيوس مع رفاقه في البحر قاصدين جزيرةالجرجونات الثلاث ..
دخل (بروسيوس ) كهف ميدوسا..حوله عشرات من التماثيلالشنيعة لبحارة ماتوا قبل أن يفهموا ما الذي قتلهم
انسل ( بروسيوس ) ومن معهفي حذر باحثين عن ضالتهم .. تصحو ميدوسا من نومها وتفح الثعابين في شعرها .. فيخفيالرجال وجوههم خلف الدروع .. وتتقدم ميدوسا نحو أول الرجال فيتعثر وتلتقي عينيهبعينيها ويتحول لحمه إلى حجر..
وهنا توجد نهايتان للأسطورة ..
الأولى تقول أن ميدوسا رأت انعكاس وجهها في درع ( بروسيوس ) وتحولت إلى حجر ..
النهاية الثانية تقول أنها تقدمت نحو ( بروسيوس ) الذي استجمع شجاعتهوحاسة المكان عنده ليطير رقبتها بضربة واحدة ثم يبادر بالفرار قبل أن تصحوا أختاها ..
المهم أن ( بروسيوس ) قد قتلها دون أن يمس شقيتيها .. وعاد بالرأس فيكيس ليظهره في اللحظة المناسبة أمام التنين قبل أن يبتلع حبيبته ..
الآن حقلـ ( بروسيوس ) أن يتزوج ويستريح ويهنأ بالاً ..
ولكن ماذا حدث للرأس .. ؟
يقال أن ( بروسيوس ألقى به في البحر .. وأسطورة أخرى تقول أنه أهداه لـ ( حيرا ) زوجة ( زيوس ) للتخلص به من أعدائها .. وثمة حكايات تتجاهل الأمر برمته ..