عندما يعلو الأنين
قد لا تعلم أن الألم هو المصدر الأول للشفاء
عندما نتألم نجزع و نظن بأن آلامنا لا تضاهيها آلام وأن الحياة ستنتهي عند هذا الحد وأن غداً لن يشرق لنا وإن أشرق فليس الغد الذي كنا نتمنى و نعد أنفسنا بتحقيقه.
نتحدث عن الألم الاعتيادي فماذا لو كان هذا الألم ممن نحب هل سيكون له ذات الأثر أم أنه سيكون أقسى وأشد وأكثر إيلاماً فمن نحب يعلم كيف يوجعنا في الصميم في البعيد بحيث نظن أن هذه الآلام لن تشفى و لن تعود روحنا إلى سابق عهدها من الأمل و العافية .
لكن الألم ما هوإلا الترياق الأول للعلاج من آلام الروح لعلنا في البدء نتعذب و تئن أرواحنا تحت وطأة الألم و الوحدة و الاغتراب وسط من نحب وفي أحضان الوطن, لكن هذا الألم هو الخطوة الأولى لعلاج أرواحنا فحيث يجثم ركام الألم و العذاب يكمن الشفاء
فالإنسان بطبعه يعود دوماً إلى حيث مصدر الألم فنحن نتلذذ بالعودة إلى ما يوجع أرواحنا للبحث في ذاك الحطام الذي نظن أنه الحطام الأخير فننبش الماضي و نفتش عن أي كسرة للأمل الذي نظنه الشفاء و بالفعل نكون قد بدأنا رحلة الشفاء ففي البحث ندرك بأن ما يتراكم أمامنا ليس حطامنا
فبعد الآلام نحن نعود أقوى إن علمنا أن الكسوف يسري لرفعة الأقمار. نرجع لأننا يجب أن نرجع فركب الحياة لا ينتظر من يبقى حبيس آلامه
ولعله المولى يجعلنا نخوض غمار الحب أو ما نظنه حباً لنعود له دائماً بشوق العاشق الحقيقي , بخفق القلب الذي تطهره الآلام ليعود نقياً فيغمره الرحمن بالحب السرمدي الذي لا يزول و الذي من خلاله نقوى على إيجاد الحبيب الدنيوي لأن ما ينشأ في ظل المولى يبقى في ظل المولى و يحرم على النار
أو بعبارة أخرى ما يباركه الرحمن يبقى مباركاً فلا يدركه أنين الأرواح و لا يناله من نصب الدنيا ما ينال سواه