"مباحث في علوم القرآن الكريم"
*تعريف بالقرآن الكريم وبأسمائه وبمقاصده*
القرآن الكريم:
هو كلام الله المعجز،المنزل على رسوله محمد "صلى الله عليه وسلم" في المصاحف،المنقول بالتواتر،المتعبد بتلاوته.
ولفظ القرآن"من حيث اللغه":
مصدر للفعل "قرأ" بمعنى:
"تلا" ثم نقل من هذا المعنى المصدري،وجعل اسما لكلام الله "تعالى" من باب اطلاق المصدر على مفعوله.
وقد ورد لفظ القرآن بمعنى:
القراءه،كما في قوله "تعالى":
*لاتحرك به لسانك لتعجل به*ان علينا جمعه وقرءانه*
أي:وقراءته عليك.
*فاذا قرأته فاتبع قرءانه*
أي:فاذا قرأناه عليك بواسطة جبريل،فاتبع قراءته بدون تعجل.
وللقرآن الكريم أسماء كثيره منها:
"الفرقان":لتفرقته بين الحق والباطل.
قال تعالى*تبارك الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا*
"الكتاب":قال تعالى
*الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا*
"الذكر":قال تعالى:
*وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون*
"التنزيل":قال تعالى:
*وانه لتنزيل رب العالمين*نزل به الروح الأمين*على قلبك لتكون من المنذرين*
هذه أشهر أسماء القرآن الكريم،وقد ذكر له بعض العلماء أسماء أخرى الا أنها في الحقيقه صفات له،وليست بأسماء.
أما المقاصد التي من أجلها أنزل الله القرآن الكريم،فمن أهمها:
أولا: أن يكون هداية للناس،ويهديهم الى مايسعدهم في دنياهم وآخرتهم.
وهداية القرآن الكريم لها مميزات تمتاز بها عن غيرها،من أهمها:
أنها هدايه عامه،وتامه،وواضحه.
أما عمومها:
فلأنها شملت الانس والجن في كل زمان ومكان.
قال تعالى:
آمرا رسوله محمدا "عليه الصلاة والسلام" أن يوضح ذلك لمن أرسل اليهم:
*قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي الي هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ*
أي:قل يامحمد لهؤلاء المشركين الذين يخاصمونك فيما تدعو اليه.قل لهم:أي شئ في هذا الوجود شهادته أكبر شهادة،وأعظمها بحيث تقبلونها عن تسليم واذعان؟
ثم أمره أن يجيبهم على هذا السؤال بالحقيقة التي لا يماري فيها عاقل،وهي:
أن شهادة الله هي أكبر شهادة وأقواها وأزكاها،لأنها شهادة من يستحيل عليه الكذب أو الخطأ "جل في علاه"
وقد شهد سبحانه بصدقي فيما أبلغه عنه،فلماذا تعرضون عن دعوتي،وتتنكبون الطريق المستقيم؟
ثم بين "سبحانه" أن القرآن الكريم هو المعجزه الخالده للنبي"صلى الله عليه وسلم" فقال:
*وأوحي الي هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ*
أي:أن الله تعالى قد أنزل علي هذا القرآن عن طريق وحيه الصادق،لأنذركم به ياأهل مكه،ولأنذر به أيضا جميع من بلغه هذا الكتاب الكريم،ووصلت اليه دعوته من العرب والعجم،في كل مكان وزمان الى يوم القيامه.
وهذه الجمله تدل على عموم بعثة النبي "صلى الله عليه وسلم" كماتدل على:
أن أحكام القرآن تشتمل الموجودين وقت نزوله،وتشتمل أيضا الذين وجدوا بعد نزوله،وبلغتهم دعوته،ولم يروا النبي "صلى الله عليه وسلم".
كذلك من الآيات التي تدل على عموم هداية القرآن قوله تعالى:*قل ياأيها الناس اني رسول الله اليكم جميعا*
أما تمامها:
فلأنها احتوت على أجمع وأكمل ماعرفت البشريه من أمور يحتاج اليها الناس،في عقائدهم،وأخلاقهم،وعباداتهم،ومعاملاتهم،ونظمت علاقة الفرد بربه،وبالكون الذي يعيش فيه،ووفقت بطريقة حكيمه بين مطالب الروح،ومطالب الجسد،بحيث لا يطغى جانب على جانب،وسبيلها في ذلك قوله تعالى:
*وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا*
وقوله تعالى:
*يابني ءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين*
وقوله تعالى:
فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون*
وأما وضوح هذه الهداية:
فانه يتجلى في عرضها الموضوعات والقضايا عرضا رائعا مؤثرا توافرت فيه كل وسائل الايضاح،وعوامل الاقناع،بأسلوب فريد في بلاغته،وحسن بيانه.
ونستطيع أن نلمس ذلك بوضوح في كل ماجاء في القرآن:
من قصص،وأمثال،وتشريعات،وعقائد،واخلاق،وتوجيهات،
تتناول كل شئون الدين والدنيا.......
وصدق الله اذ يقول:
*الله نزل أسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين خشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد*
ثانيا:الاعجاز:
بمعنى أن يكون القرآن معجزه الده للنبي "صلى الله عليه وسلم" تشهد بصدقه فيما يبلغه عن ربه.
والدليل على اعجاز القرآن لسائر البشر أي:
عجزهم عن أن يأتوا بما تحداهم به
أن القرآن تحداهم،بأن يأتوا بمثله فما استطاعوا.قال تعالى:
*فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين*
ثم تحداهم:بأن يأتوا بعشر سور من مثله فلم يفلحوا.قال تعالى:
*أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وأدعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين*
ثم تحداهم:بأن يأتوا بسوره واحدة من مثله فلما عجزوا.قال تعالى:*وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين*
واذا كان العرب وهم أرباب البلاغه والفصاحه- قد عجزوا عن يأتوا بسورة من مثل القرآن- فغيرهم أشد عجزا.
وبذلك ثبت أن هذا القرآن من عند الله.قال تعالى:
*ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا*
ثالثا:التعبد بتلاوته:
بمعنى أن المسلم من الواجب عليه أن يكثر من تلاوة القرآن،لأن هذه التلاوه ترفع درجاته،وتمحو سيئاته،وتهذب أخلاقه، وتشرح صدره.......
قال تعالى:
*ان الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور*
وفي الحديث الشريف:
"أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن*
وفي حديث آخر:
"الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البرره،والذي يقرؤه ويتتعتع فيه،وهو عليه شاق له أجران"
الـــلـــهـــم اجـــعـــلـــنـــا مـــنـــهـــم يـــاالــلــه